ورم العصب السمعي

يوجد العصب السمعي، أو بمصطلح آخر “العصب الدهليزي”، في منطقة الأذن، وتتمثل وظيفته الفسيولوجيَة في السمع، والاتزان، ويعرف بأنه التهابات حميدة تصيب ذلك العصب. ويصنف من بين الأورام الشفانية التي تصيب الأعصاب، وبالتحديد خلايا “شوان” المسؤولة عن حفظ الخلايا العصبية. ويتكون ورم العصب السمعي من حزمة واحدة تنمو داخل العصب، ويتسم ذلك الورم بالنمو البطيء. وفي بعض الأحيان لا ينمو ويظل على حالها دون ظهور الأعراض، وفقا لبعض الدراسات الطبية التي تم إجراؤها، وتتنوع طرق العلاج؛ سواء من خلال المراقبة الدورية، أو عن طريق تناول أدوية علاجية يحددها المختص، أو إجراء الجراحة.

ما نسبة انتشار ورم العصب السمعي؟

  • على الرغم من شيوع استخدام مصطلح ورم العصب السمعي على ذلك النوع من الأورام، فإن المتمرسين يعدون ذلك الاسم خاطئا، حيث إن الورم في الغالب لا يؤثر على المنطقة السمعية بالعصب الثامن، كما تعزى نشأة المرض للخلايا المحيطة بالعصبوليس من الخلايا داخل العصب، لذا فإن التسمية الأدق هي “الورم الدهليزي الشفاني”وهو اللفظ المُستخدم بين خبراء المخ والأعصاب. 
  • تشير وبائيات المرض، بمعنى دراسة الانتشار. الى أن هناك ما يقارب 11 شخصًا بين مليون يصابون سنويا بمرض ورم العصب السمعي. ونجد دولة متطورة مثل الولايات المتحدة الأمريكية تعلن سنويا عن إصابة ثلاثة آلاف حالة بهذا المرض.
  • ويتساوى الرجال والنساء في نسب الإصابة، والفئة العمرية التي تزيد فيها احتمالية الإصابة بالمرض بين ثلاثين وستين عامًا.

ما أسباب حدوث ورم العصب السمعي؟

ما زالت الأسباب التي تؤدي إلى حدوث ورم العصب السمعي مبهمة. غير أن هناك دراسات أجريت، وتبدو منطقية من الناحية النظرية، إلا أنها ما زالت تحتاج لتجارب أكثر للحُكم عليها بدقة. وسنوضح بعض منها فيما يلي:

  • أشارت بعض الدراسات إلى التأثير الوراثي في حدوث أورام العصب السمعي من النوع الثاني، والمصطلح عليه علميا بالرمز NF2). حيث تعزى الإصابة لانتقال الجينات من أحد الأبوين المصابين بذلك النوع، واحتمالية الإصابة في أحد الأبناء تصل إلى 50%. غير أن العامل الوراثي نادر الحدوث. حيث إن الشائع عدم وجود تأثير للسجل الوراثي بنسبة 95% من جملة الإصابات بورم العصب السمعي.
  • أشارت إحدى الدراسات إلى وجود عيوب في الجينات المسؤولة عن كبح هذا الورم، ومن ثم ظهور المرض لغياب الوسيلة الدفاعية.
  • كما أشارت دراسة أخرى إلى أن التعرض للضوضاء الشديدة من أسباب حدوث الورم.
  • توجد دراسات أخرى حول تأثير الإشعاعات على الرقبة والرأس، وبما يؤدي لظهور ورم العصب السمعي الحميد.
  • كما أرجعت بعض الدراسات الأخرى حدوث الورم؛ نتيجة للأغذية والمشروبات غير الصحية.
  • توجد دراسات أخرى أشارت لتأثير استخدام الهواتف الجوال في حدوث التهابات العصب السمعي.

ما أعراض ورم العصب السمعي؟

ينمو الورم أو الدهليزي ببطء. وتستغرق الأعراض سنوات لكي تظهر، وفي بعض الحالات المتطورة. فإن ذلك قد يُمثل ذلك خطورة على صحة المُصاب؛ نظرا لضغط الورم على أنسجة المخ، وتتمثل الأعراض فيما يلي فيما يلي:

فقــدان حــــــــاسة السمع

يعد ذلك هو العرض الأول لورم العصب السمعي الدهليزي. ويحدث في غالبية المُصابين بمختلف الأعمار، وقد يكون فقدان حاسة السمع بشكل كلي أو جزئي، أو في جهة واحدة دون أخرى، ويؤدي ذلك لتعطيل الحياة المهنية والاجتماعية للمصاب. وفي بعض الأحيان يلجأ المريض للعزلة، ومن ثم سوء الحالة النفسية والاكتئاب.

الشعور بخدر أو آلام في الوجه

  • من بين الأعراض الواضحة بالنسبة لمصابي الورم الشعر بخدر أو تنميل في الوجه، وفي أحيان أخرى آلام. حيث إن ذلك العصب السمعي هو المسؤول عن توجيه الإشارات للمخ، ومن ثم التحكم في مشاعر الوجه.
  • وفي أحد الاستبيانات التي أطلقتها جمعية مصابي العصب السمعي تبين أن نسبة 29% ممن شملهم الاستطلاع أشاروا لوجود شلل أو ضعف في الوجه. وبما يؤدي إلي عدم القُدرة على التعبير الوجهي عند الفرح أو الحزن. وكذلك عدم الإحساس عند تحديد ماهية الطعام؛ سواء أكان مالحا، أو حلوا، أو مرا، أو لاذعا.

سمـــــــــــاع طــــنين في الأذن

  • الطنين أو الرنين يعني سماع صوت بالأذنين دون أن يكون هناك مصدر لإحداث صوت بالخارج. وذلك من أعراض ورم العصب السمعي التي يمكن أن تحدث في غالبية الحالات.
  • ليس بالضرورة أن يصاحب ذلك العرض المصابين. حيث إن هناك بعض المرضى لا يشعرون بطنين، ومنهم من يشعر فقط بانسداد في الأذن.

الشــــعور بعدم الاتزان والدوخة

  • آلية الاتِّزان في الجسم تتوقف على ثلاثة من الأنظمة الرئيسية. وبما يساعد في توجيه الإشارات للمُخ والتحكم في التوازن. وتتمثل في: العصب الدهليزي، والجهاز البصري، والاستقبال الحسي للجسم. 
  • من بين أعراض ورم العصب السمعي الشعور بعدم التوازن والدوخة، وتختلف حدَّة ذلك على حسب نسبة الالتهاب، ويظهر ذلك العرض عند ثني الرأس، أو السير في المناطق المُعتمة، وبما يؤثر على أداء الفرد للأنشطة اليومية الاعتيادية.

كيف يمكن تشخيص ورم العصب السمعي؟

نعيش فترة تكنولوجية هي الأفضل عبر التاريخ البشري، ولم يكُن الطب بمعزل عن ذلك، وفي الآونة الأخيرة ظهرت تقنيات متنوعة، ويمكن عن طريقها التَّعرُّف على ورم العصب السمعي بسهولة، ومهما بلغت محدوديتها:

  • اختبارات السمع الكلاسيكية: يمكن عن طريق اختبارات السمع الكشف على الأذنين. وقياس السمع في كل منهما على حدة، ومعرفة مدى مقدرة المصابين على تمييز الكلمات. حيث يقوم الطبيب باستخدام جهاز يصدر نغمات متفاوتة من حيث الشدة، ويطلب من المريض تحديد الصوت، مع قيام الطبيب بإلقاء بعض الكلمات، ويُطلب من المريض ترديدها؛ للتعرف على قدرات المريض في تمييز الكلمات.
  • اختـــــــــــــــــبار BASER: ويطلق على ذلك الاختبار مصطلحات أخرى مثل “ABR”، و”BEAR”. ويعتمد ذلك الاختبار على إمرار دفعة كهربائية في المسار بين قناة الأذن الداخلية والمنطقة الجذعية الدماغية، وفي حالة وجود ورم. فسيحدث تداخل مع الدفعات الكهربائية المارة، بما يمكن من اكتشاف الورم.
  • التصوير بالأشعَّة المقطعية: يعد التصوير بالأشعة المقطعية أحد الخيارات المهمة في اكتشاف ورم العصب السمعي. ويساعد في الحصول على صور نموذجية للأورام الكبيرة خاصة، إلا أنه يعاب عليه عدم القدرة على اكتشاف الورم الصغير.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي: يمكن أن يوصي الطبيب بالتصوير من خلال جهاز الرنين المغناطيسي، ويعد ذلك هو الاختبار الأمثل. لمعرفة مدى وجود ورم بالعصب السمعي من عدمه. ويساعد ذلك في اكتشاف الأورام الصغيرة التي تقل عن ملليمتر. حيث يتم الحصول على صور ثلاثية الأبعاد توضح التفاصيل الدقيقة، ويتطلب التصوير بالرنين المغناطيسي وقتا يصل إلى ساعة.
  • في حالة عدم توافر أجهزة الرنين المغناطيسي يلجأ المريض لاختبارات السمع والأشعَّة المقطعية التقليدية؛ لتشخيص حالة المريض.

ما طرق علاج ورم العصب السمعي؟

توجد خيارات متنوعة لعلاج ورم العصب السمعي، وسنستعرض تفاصيل ذلك فيما يلي:

المراقبة والرصد:

  • كما سبق أن أوضحنا في الفقرات السابقة كون ورم العصب السمعي غير سرطاني. لذا فمن الممكن أن يتعايش معه المريض ما دام تحت السيطرة، ولا تُوجد أعراض أو مُضاعفات ظاهرة.
  • تشير بعض الدراسات الطبيبة إلى أن الأورام العصبية السمعية المحدودة أقل من ملليمتر قد لا تنمو وتظل على حالها. ولكن من المفضل المُراقبة الدورية والفحص؛ من خلال أشعَّة الرنين المغناطيسي كخيار أول، وكذلك اختبارات السمع كخيار ثان، مع أهمية التدخل في حالة ظهور الأعراض أو ازدياد حجم الورم، وبما يؤثر على نسيج المُخ.

العلاج الإشعاعي:

  • من بين الخيارات المُستخدمة في علاج ورم العصبي السمعي العلاج الإشعاعي، ويلائم ذلك الأورام صغيرة الحجم بين 2.5-3 سم، غير أن لذلك بعض الدَّواعي السلبية، مثل تعريض الخلايا الجذعية بالدماغ للإشعاع، لذا يرفض الأطبَّاء ذلك الخيار في حالة وجود ورم كبير الحجم، ويمكن تنفيذ الجلسات العلاجيَّة الإشعاعيَّة للتخلص منه دون الحاجة للتخدير الكُلي أو الجُزئي.
  • توجد احتماليَّة نادرة لحدوث تحول لورم العصبي السَّمعي بعد فترة من العلاج الإشعاعي ليصبح ورما سرطانيا خبيثا، نتيجة للتفاعلات الإشعاعيَّة مع الخلايا.
  • تتطلَّب الجلسة طبيبًا متخصصًا في العلاج الإشعاعي للأورام، وطبيبًا متخصصًا في جراحة الأعصاب، ومن المهم أن يتسم الأطباء القائمون على العلاج الإشعاعي بالكفاءة والخبرة.
  • يمكن أن يستخدم الطبيب العلاج الإشعاعي. من خلال إجراء جلسة علاجية واحدة أو أكثر على حسب حجم ورم العصب السمعي، والهدف من ذلك هو تدمير الورم ووقف نموه.
  • يطلق على الجراحة الجسيمية ذات الجلسة الواحدة اسم SRS””. والجراحة الجسيمية متعددة الجلسات اسم FSR (ويبلغ متوسط عدد الجلسات بين ثلاث وثلاثين جلسة). ويتوقف عدد الجلسات على مكان وحجم ورم العصب السمعي، وكل جلسة لا تتخطى عدة دقائق، غير أن ذلك يتطلب التوجه بشكل يومي للمركز أو المشفى العلاجي، ويساعد ذلك الخيار في تجنيب المريض التعرض لكميات كبيرة من الأشعة في جلسة واحدة، ومن ثم حدوث مُضاعفات، ويعد البعض هذه الطريقة أفضل من (الجلسة الواحدة SRS)، وتُحافظ على السمع وحركة الوجه دون حدوث دواعٍ سلبية.
  • تشير التقارير الطبيبة لارتفاع نسب الشفاء من ورم العصب السمعي عبر العلاج الإشعاعي. مع أهمية المتابعة الدورية في مراحل مستقبلية للحيلولة دون معاودة الورم مرة أخرى، من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي. ويكون ذلك وفقا لما يحدده الطبيب من مدة دورية لعمل الأشعة.

جراحة ورم العصب السمعي:

الخيار الجراحي هو إحدى الطرق المُستخدمة في علاج (الورم الدهليزي الشفاني)، ويوجد أكثر من طريقة لجراحة ورم العصب السمعي، وتتوقَّف كل طريقة على حجم الورم، والمُضاعفات التي حدثت للمريضوكذا خبرات الممارسة عند جراح المخ والأعصاب، وفيما يلي أبرز هذه الطرق:

  • طريــــــقة الحُفرة المتوسط: وهي إحدى الطُّرُق المحوريَّة في عمليَّة جراحة ورم العصب السمعي، والهدف من هذه الطريقة المُحافظة على حاسَّة السمع، وتُستخدم في حالة كون ورم العصب السمعي محدودًا؛ حيث يتم عمل ثقب صغير في المنطقة أعلى قناة الأُذن، واستئصال الورم.
  • طــــريقة الجراحة المجهرية: وتستخدم هذه الطريقة لاستئصال الورم بنسبة 70-75%. تحاشيا لحدوث تأثير على وظائف المُخ في حالة الإزالة الكاملة، مع أهمية المُتابعة في مراحل زمنية لاحقة، وإجراء الفحوصات الدورية؛ للتأكد من توقف الورم، أما في حالة الاستئصال التام 99% فإن ذلك سيؤدي لحدوث ضعف بالوجه والسَّمع، مع الأخذ في الاعتبار أن نسبة الورم المُتبقية بالعصب السمعي 1%، قد تؤدي مُستقبلًا لظهور الورم مرَّةً أخرى، لذا يجب أن يُوجِّه الطبيب مريضه بعد الشفاء لعمل الاختبارات كل فترة.

العلاج الداعم:

  • ولمعالجة فقدان السمع أو ضعفه كإحدى المُضاعفات الناتجة عن ورم العصب السمعي. يمكن أن يستخدم المريض الأجهزة السَّمعية المساعدة، وبما يعزز من القُدرة على التواصل مع الآخرين، ومن ثم تحسن الظروف الحياتية.
  • توجد نوعيات مُختلفة من السمَّاعات التي تُستخدم للتَّغلُّب على الآثار الجانبية مثل السماعة داخل قناة الأذن CIC، والسماعة خلف الأذن BTE، وغيرهما.
  • كما توجد خيارات في حالة كون فقدان السَمع في جانب واحد؛ مثل: نظام CROS، وBICROS، كما يمكن زرع قوقعة في الأذنين؛ لمعالجة من يفقدون السَّمع بشكل تام.

كيف يحدد الطبيب الخيار المناسب للعلاج؟

يعد حجم الورم والمرحلة العُمريَّة للمريض أحد المعايير المهمَّة في المُفاضلة بين العلاج الإشعاعي وعملية جراحة ورم العصب السمعي:

  • في حالة كون الورم صغير الحجم، وكون المريض كبيرًا في السن؛ فمن المُفضِّل اللجوء للخيار الإشعاعي.
  • في حالة كون الورم صغيرًا والمريض لا يزال شابًّا؛ فيكون اللجوء للتَّدخُّل الجراحي هو الخيار الأفضل؛ نظرًا لأن العلاج الإشعاعي له مخاطره على المدى الزمني البعيد، ويمكن أن يُحدِث أورامًا سرطانية مستقبلية.
  • أما في حالة كون حجم الورم كبيرًا؛ فمن المُفضَّل اللجوء للجراحة سواء أكان المصاب صغيرًا أو كبيرًا.

ما الدواعي التي تتطلب التوجه للطبيب المختص؟

في حالة الشعور باضطراب في التوازن، أو فقدان للسمع في إحدى الأذنين، أو صداع حاد، أو سماع رنين في الأُذن، فإن الأمر يتطلب طبيبًا، وتحديد مدى وجود ورم العصب السمعي من عدمه.