الورم الدموي الدماغي

يعرف الورم الدموي الدماغي على أنه تجمعات دموية داخل تجويف الجمجمة. وتحدث بسبب تمزق الأوعية الدموية داخل القحف نتيجةً لحدوث ارتطام للرأس، وذلك هو السبب الشائع. ويؤدي ذلك في بعض الأحيان للضغط على أنسجة المخ. وقد ينجم عن اصطدام الرأس ارتجاج بسيط يزول من تلقاء نفسه، أو عن طريق بعض الأدوية العلاجية. وفي أحيان أخرى تكون التجمعات الدموية غير محدودة، ويتحتم اللجوء لجراحة الورم الدموي الدماغي.

ما طبيعة عظام الجمجمة؟ وما أهميتها؟

  • الجمجمة “skull” عبارة عن مخروط عظمي، يشكل الرأس لدى الفقاريات، وتساعد الجمجمة في الأنسجة الداخلية، وتتكون الجمجمة عند الإنسان من القحف الوجهي (الهيكل الوجهي). ويشمل الفك السفلي وباقي عظام منطقة الوجه، والقحف العصبي الذي يمثل الجُزء العلوي والخلفي للجُمجمة.
  • تتكون الجُمجمة من 22 عظمة، وتصنيفها كما يلي: أربع عشرة عظمة هيكلية وجهية، وثماني عظام قحفية.
  • تتمثَّل أهمية الجمجمة في حماية المخ. وتحديد اتجاه الأصوات التي يرغب الإنسان في سماعها. وكذلك المسافة التي تصدر منها على التقريب. وكذلك تمكن الإنسان من الرؤية بشكل صحيح.

ما الأعراض العامة للورم الدموي الدماغي؟

تتباين أعراض الورم الدموي الدماغي. وقد تظهر الأعراض مباشرة بعد التَصادم أو الحوادث. أو يستغرق ظهور هذه الأعراض فترة زمنيةً بعد تعرض الرأس للارتطام. ويحدث ما يلي:

  • الغثيان والقيء.
  • الدوخة وعدم التركيز.
  • عدم التوازن.
  • الصداع الحاد.
  • صعوبة في التَحدث.
  • التَّشوُّش في الرُّؤية.
  • الخمول أو فقدان الوعي.

ما أسباب حدوث الورم الدموي الدماغي؟

  • الحوادث: تعد الحوادث المسبب الرئيسي للورم الدموي الدماغي. نتيجة لتصادم الرأس، وقد يكون ذلك بسبب ممارسة بعض الرياضات البدنية العنيفة، أو بسبب تصادمات الطرق، أو السقوط من مناطق مرتفعة، وبما يؤدي لحدوث نزيف بالقحف.
  • بعض أنواع الأدوية العلاجية: يوجد بعض النوعيات من مضادات تخثر الدم تؤدي إلى تجمعات دموية في الجمجمة، ومن بين هذه الأدوية: الأسبرين، والكومادين، والجاتوفين… وغيرها، وتزيد فرص الوَرَم الدَّموي بالدِّماغ حال تناوُل هذه الأدوية من جانب كبار السِّن فوق سِنِّ الخمسين.

ما أنواع الورم الدموي الدماغي؟

توجد أنواع مختلفة من الورم الدماغي الدموي. وقد يحدث للمريض أكثر من نوع في الوقت نفسه، ويتوقف تشخيص الحالة على الفحوصات السريرية والأشعة التصويرية. وفيما يلي تفصيل لتلك الأنواع:

الورم الدموي فوق الجافية

ويحدث الورم الدموي فوق أو خارج الجافية في المنطقة بين الجُمجمة وطبقات الأم الجافية، في حالة تدمير أو تمزُّق أحد الشَّرايين، وَمِنْ ثَمَّ يتدفق الدَّم مُسبِّبًا الوَرَم، ويُؤدِّي ذلك للضَّغط على الأنسجة الدِّماغيَّة، وذلك النَّوع هو الأكثر حُدوثًا بين أنواع الوَرَم الدَّموي الدِّماغي، وفي بعض الحالات الشَّديدة يُؤدِّي ذلك إلى الوفاة في حالة عدم اللُّجوء للجراحة.

أعراض الوَرَم الدِّماغي فوق الجافية

تتضمَّن أعراض وَرَم فوق الجافية فقدان الوعي مرَّات أخرى بعد الاستعادة الوعي على أثر الصَّدمة الأُولى، وغثيانًا وقيئًا، وارتباكًا عند التَّحدُّث، وفي بعض الأحيان قد تحدث نوبات تشنُّجيَّة؛ نتيجة لحدوث نزيف أو تمزُّق في الأوعية الدَّمويَّة، وعدم مقدرة المُصاب على تحريك بعض أجزاء الجسم.

الورم الدموي تحت الجافية

يحدث الورم الدموي تحت الجافية في المنطقة بين طبقات الأم الجافية (الأغلفة التي تحيط بالمخ). والسبب هو الارتطامات العنيفة في أعلى الجمجمة. ويسبب ذلك تمزقا للأوعية الدموية تحت الجافية. ويصبح هناك تهديد لحياة المريض حسب شدة الارتطام. غير أن هناك بعض الأورام أو التجمعات الدموية التي تحدث تحت الجافية تشفى دون الحاجة لعلاج. وأخرى قد تحتاج لجراحة الورم الدموي الدماغي.

أنواع الورم الدموي تحت الجافية

توجد ثلاثة أنواع من الورم الدموي تحت الجافية. ويتمثل ذلك في:

  • ورم مزمن: ويكون تصادم الرأس هذه الحالة بسيطا. ويتطلب ظهور الأعراض فترة زمنية طويلة قد تصل لشهر.
  • الورم تحت الحاد: ويكون تصادم جمجمة الرأس في هذه الحالة متوسطا. ولظهور أعراض الورم الدموي الدماغي فقد يستلزم ذلك أسبوعًا.
  • الورم الحاد: ويتعرض لذلك النَوع مَن تحدث لهم تصادمات قوية في الجمجمة. وتظهر أعراض الورم الدموي سريعا في الوقت نفسه.

أعراض الورم الدموي تحت الجافية

  • توجد مجموعة من الأعراض المتنوِعة التي تحدث نتيجة الورم الدموي الدماغي تحت الجافية. مثل: الصداع الحاد، والكلام المُتداخل، وفقدان التوازن، واضطرابات الرؤية، ونوبات الصرع، والضعف العام، والشعور بالنعاس، والدوخة، والارتباك.
  • وبالنسبة للأطفال يحدث لديهم قيء مستمر، وبُكاء دون سبب، ونبوات صَرَع، وصعوبة عند تناول الأطعمة، وتضخم في حجم الرَّأس.

الورم الدموي فوق الجافية الشوكية

ويحدث ذلك النَّوع من الأورام أعلى الفقرات العنقية في المنطقة المُلامسة لأنسجة المُخ السُّفليَّة.

الـــــــــــورم الدموي تحت العنكبوتية

يحدث ذلك الوَرَم بسبب تجمُّع الدَّم في المنطقة بين أنسجة المُخ وطبقات الأم الجافية، ويُطلق عليه في هذه الحالة “النَّزف تحت العنكبوتيَّة”.

الأورام الدمـــــــــــوية بأنسجة المخ

وينقسم ذلك لأنواع متعددة مثل:

  • الورم داخل البرنشيمة: وهو نسيج متوسط في المخ. ووظيفته حماية الأنسجة الداخلية الأخرى من المخ.
  • الـــــــورم داخل البطين: ويحدث ذلك النزيف في المنطقة التي تقوم بإنتاج السائل المخي. وقد يؤدي ذلك إلى حدوث سكتة دماغية.

ما طريقة تشخيص الورم الدموي الدماغي؟

يُمكن تشخيص الورم الدموي الدماغي بمختلف أنواعه، سواء فوق الجافية، أو تحت الجافية، أو تحت العنكبوتية، أو بالبرنشيمية والبطانيات من خلال ما يلي:

الاختبارات السريرية:

حيث يقوم الطبيب بعمل الاختبارات الأولية، والتي يظهر من خلالها عرض واحد أو أكثر من أعراض الوَرَم الدموي الدماغي. مثل: الشَّلل في أحد جوانب الجسم، مع عدم القدرة على التحدث بطريقة طبيعية وتداخل للكلام، أو صداع حاد، أو حدوث تضخم في الرأس نتيجة لحدوث الاستسقاء الدِّماغي، أو فُقدان للوعي على فترات مُتقاربة، أو تشوَّش في الرُّؤية.

فحـــــــــــــص الأشعة المقطعية:

  • يوجه الطبيب المريض بعمل أشعة مقطعية سينية، ويحصل على صور لطبقات الأم الجافية، أو أسفلها، أو في أنسجة المخ الداخلية، ولا يمكن الاعتماد على صور الأشعة المقطعية بشكل كامل، ولكن يستكمل الطبيب ذلك من خلال أشعة الرنين، للحصول على معلومات مُتكاملة.
  • يمكن أن يستخدم الطبيب حقَنا صبغية للحصول على صور دقيقة وواضحة لطبيعة الأورام الدَّمويَّة الدِّماغيَّة، وعلى وجه الخُصوص مناطق تمدُّد وتمزُّق الأوعية أو الشَّرايين في المناطق داخل الجُمجمة.

فحص أشعة الرنين المغناطيسي:

على الرغم من ارتفاع تكلفة أشعَة الرنين المغناطيسي فإنها تعد الوسيلة التَشخيصية المثالية للتعرف على مناطق حدوث الورم الدموي الدماغي. حيث تستخدم فيها تقنية الموجات اللا سلكية ومجال مغناطيسي واسع المدى، وخطوات ذلك تتمثل في ارتداء المريض الملابس المناسبة. ثم يستلقي المريض على منضدة توجه نحو قناة، وقد يستغرق التصوير بأشعة الرنين المغناطيسي بين نصف ساعة وساعة. ويتوقف ذلك على حسب المقاطع التي يرغب الطبيب في تصويرها. وبناء عليه يحصل الطَبيب على صور ثلاثية الأبعاد دقيقة ومفصلة.

ما طرق علاج الورم الدموي الدماغي؟

بالنِّسبة لعلاج الأورام الدَّمويَّة الدِّماغيَّة تحت القحف، أو تحت الجافية، أو داخل أنسجة المخ؛ فتتطلَّب التعرف على حجم التجمع الدَّموي وتطوُّره، وفي بعض الأحوال يُمكن أن يُشفى المريض من خلال العقاقير الطِّبيَّة، وفي أحيانَ أخرى يستلزم ذلك اللُّجوء لجراحة الوَرَم الدَّموي الدِّماغي.

جراحة الورم الدموي الدماغي:

  • في حالة التجمعات الدموية الكبيرة: يقوم الطبيب بفتح جزء من عظام الجمجمة واستخدام قناة أو قسطرة لسحب الدم المتجمع.
  • في حالة التجمعات الدموية المحدودة: لا يتطلب الأمر في تلك الحالة سوى ثقب صغير أعلى الجمجمة ونزح التجمعات الدموية الصغي
  • قد يتطلب الأمر ترك المصرف لأكثر من يوم لضمان تصريف كامل التجمعات الدموية، كما وانه في بعض الأحيان يعود النزيف مرة أخرى بعد ساعات، أو يوم من إجراء جراحة الورم الدموي الدماغي.

مرحلة التعافي:

يتطلب التعافي التام من الورم الدموي الدماغي وقتا كبيرا في الحالات المُتوسِّطة والحادَّة، وقد يصل ذلك إلى ثلاثة أو خمسة أشهر، وهناك بعض النَّصائح الواجب الالتزام بها أثناء فترة التَّعافي:

  • الراحة التامة، ولمُدَّة ثماني ساعات على الأقل خلال اليوم.
  • التوجه لطبيب متخصص في العلاج الطبيعي؛ للتخلص من الآثار السلبية المرتبطة بحركة الرأس والكلام في حالة وجود دواعٍ لذلك.
  • تناول الأدوية التي يقترحها الطبيب بشكل منتظم طوال فترة الاستشفاء، مع الرجوع للطبيب في حالة وجود سلبيات من هذه الأدوية؛ وَمِنْ ثَمَّ إعادة تقييمها واستخدام البدائل.
  • الابتعاد بشكل تام عن التدخين بمُختلف أنواعه، وكذلك المشروبات الروحية التي قد تؤدي إلى حدوث اضطراب في ضغط الدم.
  • الابتعاد عن مُمارسة مُختلف أنواع الرِّياضة، وخاصَّةً التي تتطلَّب احتكاكًا وتلاحما جسديا عنيفا، كي لا يتعرَض المريض لرضات أخرى قد تزيد الموقف تعقيدا.
  • العودة إلى النشاط المهني أو البدني يجب أن تكون تدريجيا بعد تمام التعافي. مع أهمية التعامل بشكل طبيعي والانخراط المجتمعي، لاستعادة التوازن النفسي.

ما الدواعي التي تتطلب زيارة للطبيب المتخصص؟

من بين الدواعي التي تستلزم مباشرة طبيب متخصص بعد حدوث صدمات للرأس: الشعور بصداع مستمر وحاد، وعدم القدرة على التوازن، والغثيان، وفقدان الوعي، وقد لا تظهر هذه الأعراض مباشرة بعد الحوادث، ويفيق المريض دون أي مشكلة، إلا أن الأمر يتطلب مُراقبة من الناحية الانفعالية والبدنية، ومن المهم أن يشارك المحيطون المصاب في عملية المراقبة. فلربما يحدث فقدان للذاكرة، ولا يستطيع المصاب متابعة حالته بنفسه.

كيف يمكن تجنب الورم الدموي الدماغي؟

يمكن تجنب الإصابة بالورم الدموي الدماغي من خلال اتباع الإرشادات التالية:

  • الحذر في تناول مميعات الدم (مخثرات الدم) بشكل مفرط. وخاصة لدى الفئات السنة الكبيرة؛ نظرًا لإمكانية تسبب ذلك في حدوث تجمُّعات أو أورام دموية.
  • يعد الأطفال من أكثر الفئات العمرية التي يمكن أن تتعرض للإصابات والحوادث في منطقة الرأس. نظرًا لطبيعة الحركة المستمرة لديهم. ومن ثمَ إمكانية حدوث الورم الدَّموي الدِّماغي بجميع تصنيفاته، لذا يجب مراقبة الأطفال دوما من جانب أولياء الأمور، وخاصة عند قيامهم بالتسلق، أو اللعب في الملاهي… إلخ.
  • ينبغي أخذ الاحتياطات عند ركوب الدَّرَّاجات النارية أو الكلاسيكية، وكذلك عند ركوب الخيل، والتزلُّج الجليدي، وكذلك عند قيادة السيارات، وخاصة على الطرق السريعة، مع الاهتمام بربط أحزمة الأمان التي تقلل من ارتطامات الرَّأس في حالة التعرُّض لحادث.