اضطرابات وإصابات الحبل الشوكي

تعد اضطرابات وإصابات الحبل الشوكي من أخطر أنواع الإصابات التي قد تحدث للإنسان، وينتج عن ذلك فقدان للخلايا العصبية، ولهذا تأثيرات بالغة على المستوى البدني والعقلي والاجتماعي، حيث إن الحبل الشوكي، أو بمُصطلح آخر “النخاع الشوكي”، هو المسؤول عن نقل الإشارات الحسية والحركية من المخ إلى باقي أجزاء الجسم، والعكس، وينصبُّ الضرر أو الإصابة على المادة البيضاء أو المادة الرمادية أو الألياف العصبية، ومن بين خيارات العلاج المهمة جراحة الحبل الشوكي، بالإضافة للأدوية العلاجية، وتتوقف وسائل العلاج على حالة المريض.

ما الحبل الشوكي؟ وما وظيفته؟

  • الحبل الشوكي ” “spinal cordعبارة عن جزء من أجزاء الجهاز العصبي، الذي يتكون من الجهاز العصبي الذاتي، والجهاز العصبي المحيطي، والجهاز العصبي المركزي، وتلك المنظومة تعالج المعلومات أو الإشارات بجسم الإنسان؛ مثل البروسيسور في أجهزة الكمبيوتر، وينقسم الجهاز العصبي المركزي من الناحية التشريحية إلى الحبل الشوكي والدماغ.
  • يمتد الحبل الشوكي في جسم الإنسان من قاعدة الرأس في المنطقة الظهرية، ويمر بداخل القناة الفقرية، وحتى أسفل القناة النخاعية (المخروط النخاعي). ويمتد منه نهايات أو جذور عصبية تعرف بمصطلح “ذنب الفرس”. ووظيفة الفسيولوجية تتمثل في نقل الأوامر من وإلى المخ إلى الأعصاب الطرفية والعضلات.
  • يتألف الحبل الشوكي أو النخاع الشوكي من منطقتين إحداهما تعرف بالمنطقة الرمادية المركزية. وهي محور الألياف والخلايا العصبية، والمنطقة البيضاء المحيطية، وتتمثل في الألياف المتصلة بالجسم اللا خلوي، ويحيطها خلايا شوان المغلفة.

ما طبيعة أعراض إصابات الحبل الشوكي؟

تتوقف أعراض إصابات الحبل الشوكي على منطقة الإصابة، ومن بين الأعراض ما يلي:

  • التواء في الظهر أو الرقبة. وذلك من بين أعراض إصابات الحبل الشوكي الأساسية التي تنشأ من التصادمات.
  • عدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي مع وجود سعال في بعض الأحيان.
  • وجود إشكاليات في الدورة الدموية.
  • ضعف القدرة الجنسية؛ نظرًا للتأثير الذي يحدث على الأعضاء التناسلية.
  • فقدان القدرة على الحركة الطبيعية وعدم الاتزان.
  • فقدان القدرة على الإحساس بالبرودة أو الحرارة أو لمس الأشياء أو الضغط.
  • وجود شلل في أحد أجزاء الجسم أو أكثر.
  • وجود مشاكل في السيطرة على المثانة والامعاء.

كيف يمكن تشخيص إصابات النخاع الشوكي؟

يمكن تشخيص إصابة الحبل الشوكي من خلال الطرق التالية:

  • الأعراض الظاهرية: ويمكن عن طريق الأعراض الظاهرية السابق توضيحها في الفقرة السابقة تكوين انطباع مبدئي عن حدوث إصابة في الحبل الشوكي، ولكن ينبغي لذلك عمل التصوير بالأشعة للقطع بالإصابة، وخاصة في ظل تداخل أعراض إصابات الحبل الشوكي مع كثير من الأمراض الأخرى.
  • الأشعة المقطعية المحوسبة: يساعد التصوير بالأشعة المقطعية على تحديد مناطق الإصابة بالحبل الشوكي والعمود الفقري أو الأقراص الغضروفية، وذلك من خلال الأشعة السينية.
  • التصوير بالأشعة الموجية المغناطيسية: ويستخدم في ذلك المجال المغناطيسي، ويسمى أيضًا باسم الرنين المغناطيسي. ويمكن استكشاف مشاكل الحبل الشوكي والعمود الفقري والحصول على صور أكثر دقة وتفصيلية.

ما الظروف التي تتطلب استشارة الطبيب المتخصص؟

تختلف خطورة اضطرابات النخاع الشوكي ومدى الإصابة بين مريض وآخر، وفي حالة الشعور بمشاكل في الرقبة أو الظهر مع تزايد الألم. أو وجود تنميل أو نزف أو شلل في أحد أجزاء الجسم؛ فينبغي في تلك الحالة استشارة الطبيب. ومن المهم عدم التأخير في ذلك؛ حيث إن للاكتشاف المبكر دورًا مهما في معالجة إصابة الحبل الشوكي والعمود الفقري.

ما الأسباب التي تؤدي لإصابات الحبل الشوكي؟

  • الحوادث والصدمات: وتتعدد أنواع الحوادث والصدمات التي يمكن أن تلحق بالإنسان، ومن بين ذلك التصادمات على الطرق. ويمثل ذلك السبب المحوري لإصابة الحبل الشوكي. وكذلك السقوط من الأماكن المرتفعة، والاشتباكات العنيفة بين الأفراد. والتي قد تتضمن إطلاق النار أو استخدام الأسلحة البيضاء، وكذلك التعرض للصدمات الكهربائية. وكذلك الإصابات التي تحدث نتيجة لممارسة الرياضات التصادمية؛ مثل: المصارعة، والملاكمة، والجودو، والكاراتيه… إلخ.
  • بعض الأمراض: يوجد بعض الأمراض التي يكون من دواعيها السلبية حدوث الإصابات بالحبل الشوكي، ومن بين ذلك هشاشة العظام، والتهابات المفاصل، والسرطان، وتلف فقرات العمود الفقري، وحدوث مشاكل في غضاريف العمود الفقري.
  • تناول المشروبات الكحولية: من بين أسباب حدوث إصابات الحبل الشوكي الإفراط في تناول المشروبات الكحولية.

ما العوامل التي تزيد من نسبة التعرض للإصابات؟

  • الجنس: يتعرض الرجال لإصابات النخاع بصورة أكبر من النساء، ووفقًا لأحد التقارير الصادرة فإن نسبة إصابة الرجال بمشاكل الحبل الشوكي تبلغ 80%.
  • مشاكل العظام: يوجد فرصة لحدوث إصابات الحبل الشوكي لمن يعانون من مشاكل في المفاصل أو العظام.
  • العمر: تزداد فرص الإصابة بمشاكل الحبل الشوكي عند الفئات العمرية التي تتخطَّى الستين، وخاصة عند التعرض للصدمات والحوادث، وذلك بالمقارنة بالفئات السنية الأصغر.

ما المضاعفات التي تنتج عن إصابات النخاع الشوكي؟

تتباين المضاعفات التي تنشأ عن إصابة الحبل الشوكي. وسنوضحها فيما يلي:

سلبيات في الحياة الجنسية

تتأثر صحة الإنسان من الناحية الجنسية، حيث تؤثر إصابة الحبل الشوكي على معدل الخصوبة والانتصاب عند الرجال، وبالنسبة للنساء، يحدث لهم مشاكل في ترطيب المهبل عند الجماع، ويمكن التغلب على ذلك العرض؛ من خلال أدوية علاجية متنوعة.

الآلام الجسدية

يصاحب إصابات أو التهابات الحبل الشوكي آلام مبرحة. وفي الغالب يكون ذلك في منطقة الظهر، أو الرقبة، أو العضلات، ويمكن تخطي ذلك من خلال الاستعانة بمضادات للالتهابات.

سوء الحالة النفسية

تسبب إصابة الحبل الشوكي معاناة نفسية كبيرة. وخاصة لمن يتعرضون لإصابات مزمنة. وينبغي أن يتعايش كل مريض مع حالته. ويمكن اللجوء لطبيب نفسي متخصص؛ لتحقيق انفراجة على الجانب النفسي.

الضعف والضمور العضلي

يعاني المُصابون باضطرابات الحبل الشوكي من حدوث ضعف عام في الجسم، وقلة في اللياقة البدنية؛ نتيجة للحركة المحدودة التي يقومون بها، وقد يؤدي ذلك للسمنة المفرطة، لذا وجب توخي الحذر، والاعتدال في الأطعمة الغذائية، مع الاهتمام بالوجبات الصحية.

التشنج العضلي

يعاني معظم مصابي الحبل الشوكي من حدوث تشنجات عضلية لا إرادية. أو حدوث شد عضلي على فترات متقاربة.

الصعوبة في التنفس

في حالة حدوث تأثير من إصابة الحبل الشوكي على منطقة الصدر والبطن. فإن ذلك يؤدي إلى صعوبة في التنفس، ويصاحب ذلك عطس.

مشاكل في حركة الأمعاء

يترافق مع البعض من إصابات الحبل النخاعي حدوث مشاكل في حركة الأمعاء، وعدم قدرة المريض في السيطرة عليها، ويلجأ الأطباء لنُصح مرضاهم بتناول الوجبات الغذائية التي تحتوي على الألياف.

اضطراب الدورة الدموية

تسبب الإصابة بالنخاع الشوكي سلبيات بالدورة الدموية. ويظهر ذلك في صورة تورمات بالأطراف، وانخفاض في مستوى ضغط الدم، وفي مراحل متقدمة فإن ذلك قد يُحدث جلطات دموية.

مشاكل في المثانة

يفقد المريض السيطرة على المثانة، لعدم وجود الإشارات التي تنظم علمية التبول، وقد يحدث امتلاء كامل للمثانة دون وعي من المريض بذلك.

توقف إشارات الإحساس في الجلد

الحبل الشوكي مسؤول عن تنظيم عملية الإحساس بالجلد، ومن بين مضاعفات إصابات الحبل الشوكي حدوث مشاكل عند المُصاب فيما يتعلق بحاسة اللمس.

ما وسائل علاج اضطرابات وإصابات النخاع الشوكي؟

تتمثل وسائل العلاج فيما يلي:

حالات الطوارئ

  • كما سبق أن فصلنا في الفقرات السابقة كون الحوادث العنيفة هي السبب المحوري لكدمات الحبل الشوكي، لذلك فإن العلاج المبكر بمجرد حدوث الإصابة له دور مهم في تعافي المريض، وفي الغالب يبدأ ذلك منذ وصول المُسعفين لمكان الحادث، حيث يتم التعامل برفق مع الرقبة والظهر، وتثبيتها بوسائل مختلفة، لحين الانتقال للمركز العلاجي.
  • بعد الوصول للمركز العلاجي يستمر الأطباء في التعامل مع منطقتي الرقبة والظهر. ويتم عمل أشعة مقطعية أو بالرنين المغناطيسي؛ للتأكد من مدى وجود كدمة في الحبل الشوكي، والتعرف على مكانها وحجمها، وفي حالة فحص الأشعة، والتحقق من الإصابة يتم نقل المريض مُباشرة لغرفة العمليات. 

جراحة إصابات الحبل الشوكي

خيار جراحة إصابات الحبل الشوكي يتوقف حالة المريض؛ حيث تتم إزالة أقراص العمود الفقري العظمية التالفة، وكذلك الأقراص الغضروفية المعيبة، والتخلص من جميع الأجسام الغريبة التي قد تخترق جسم الإنسان في الحوادث، ومن المهم تثبيت العمود الفقري؛ من أجل منع التشوهات المستقبلية، ومحاولة منع المضاعفات.

الأدوية العلاجية

يُوجد عديد من الأدوية العلاجية للإصابات النخاع الشوكي، ومن أبرزها: ليورسال، وجابلوفين، ولا يوجد علاج مباشر للتخلص من إصابات النخاع الشوكي، وجميع العلاجات الدوائية تنصبُّ على الحد من المضاعفات التي تحدث جرَّاء الإصابات.

تأهيل مرضى إصابات الحبل الشوكي

الهدف من تأهيل مرضى إصابات الحبل الشوكي تعزيز القُدرات العضلية والنفسية والعصبية والاجتماعية، لذا فإن الأمر يلزمه أكثر من طبيب متخصص في مختلف الجوانب السابق ذكرها، لتخطي السلبيات التي تنتج عن الإصابة، وعلى حسب مكانها نوعيتها وتأثيراتها.

الأجهزة المساعدة

في بعض من حالة إصابة الحبل الشوكي قد يتطلب الأمر جهازًا مُساعدًا، ومن بين ذلك الكراسي المتحركة، والأدوات التي تستخدم في التحكم عند مسك الأشياء، والأجهزة التكنولوجية التي تساعد في التحكم بالأجهزة الكهربائية.

جلسات الكهرباء والعلاج الطبيعي

يمكن اللجوء لجلسات الكهرباء والعلاج الطبيعية؛ للتخلص من الدواعي السلبية الحركية التي تنشأ عن إصابة الحبل الشوكي.

ما مدة تعافي المرضي بعد الاصابات؟

تتوقف مدة التعافي على طبيعة ونوعية الإصابة، وتتراوح مدة التعافي بين ستة أشهر لعامين، وتلعب الحالة النفسية دورًا مهمًّا في ذلك.

ما النصائح التي يبديها الأطباء للوقاية من إصابات الحبل الشوكي؟

يوجد مجموعة من النصائح التي يقدمها الأطباء لتجنب الإصابة باضطرابات وكدمات الحبل الشوكي، ويتمثل ذلك في:

  • أخذ الاحتياطات عند قيادة الدراجات العادية أو النارية، وفي مقدمتها ارتداء خوذة، مع التروِّي عند السير.
  • عدم قيادة السيارات في حالة احتساء الكحوليات أو أي دواء مخدر؛ حيث إن ذلك قد ينجم عنه حوادث طرق.
  • ينبغي الاحتياط عند ممارسة الرياضات العنيفة، وخاصة التي ينطوي عليها مخاطر أكثر من غيرها؛ مثل القفز أو تسلق الجبال، أو القفز بالمظلات.
  • في حالة احتمالية تعرض أحد الأشخاص لإصابة في النخاع الشوكي؛ فمن المهم عدم تحريكه والاتصال بالإسعاف على الفور، حيث يتعامل المُسعفون بطريقة خاصة مع المرضى المُصابين بالنخاع الشوكي. 
  • المراقبة الجيدة للأطفال نظرًا لحركتهم المستمرة، ومن ثم إمكانية تعرضهم لإصابة الحبل الشوكي.
  • تهيئة المنزل من الدخل والمحافظة على ترتيبه، وعدم وضع إشغاليات كثيرة على الأرض، مع تجنب المشي السريع؛ حيث إن التعثر في أي شيء قد يؤدي لإصابات الحبل الشوكي، وذلك الأمر مهم للغاية، وخاصة لكبار السن.