جراحة سرطان الدماغ

يُعرَفُ سرطان الدماغ، أو بمُصطلح علمي آخرَ سرطان المخ Brain Cancer؛ على أنه انقسام للخلايا التي تُوجد في المخ بشكلٍ شاذٍّ Unusual””. وقد يحدث الوَرَمُ في أنواع مُختلفة من الغُدد. مثل: الغُدَّة الصنوبرية، والغُدَّة النُّخامية، أو في الأغلفة المُبطِّنة للمُخ، والتي يُطلق عليها (السَّحايا)، أو في الجُمجمة، أو بالأوعية الدَّمويَّة المُخيَّة، أو الخلايا العصبيَّة. كما يُمكن أن يحدث الوَرَمُ بسبب انتشار نوعٍ آخرَ من أنواع السرطانات، وطبيعة الوَرَم المُخي، سواء أكان حميدًا أو خبيثًا، خطيرة للغاية. ويُمكن أن تُسبِّب الوفاة، وتتوقَّف نسبة الخُطورة على حجم الوَرَم، ونوعيَّته، والموقع الذي يُوجد فيه، وبالطبع يلعب الاكتشاف المُبكِّر دورًا مهمًّا في سُرعة شفاء المريض، وسنتناول في مقالنا مجموعة من الأطروحات المهمة حول سرطان الدماغ، وفي النهاية سنستعرض معلومات محورية عن جراحة سرطان الدماغ.

ما أسباب حدوث سرطان المخ؟

لم يصل العُلماء إلى وقتنا هذا إلى السَّبب الفسيولوجي المحوري لحُدوث الأورام السرطانية بوجه عام. وجميع ما يُفصَّل في ذلك اجتهادات متعددة. أما بالنسبة للعوامل الدقيقة لجُنوح الخلايا نحو الشُّذوذ التكويني فما زالت مجهولة. ويُمكن أن نرتكن لبعض عوامل الخطر التي فصَّلها العُلماء، وتزيد من احتمالية حدوث سرطان المخ. ومن بين ذلك ما يلي:

  • العـــــوامل البيئية: في حالة تعرُّض الإنسان للإشعاعات بمُعدَّلات غير طبيعية فإن ذلك قد يكون سببًا لحدوث سرطان الدماغ.
  • العــوامل الوراثية: قد يكون للعوامل الوراثية دور في حدوث سرطان المُخ. حيث تزداد احتمالية حدوث سرطان المخ في حالة إصابة أحد الوالدين أو الأجداد مُسبقًا.
  • العــلاج الإشعاعي: في حالة العلاج من خلال الإشعاع كما يحدث في بعض أنواع الأورام السرطانية. فإن ذلك قد يُؤدِّي إلى الإصابة بسرطان المخ.
  • العادات غير الصحية: التدخين بأنواعه، وكذلك الإفراط في تناول المواد الكحولية قد ينجم عنه إصابة بسرطان المخ.
  • بعض الأمراض: إصابة الإنسان ببعض الأمراض تجعل فُرصة الإصابة بسرطان الدماغ أكبر. ومن بين ذلك الإصابة بأمراض نقص المناعة؛ مثل: الذئبة الحمراء والإيدز.

ما أعراض سرطان المخ؟

تتنوَّع أعراض سرطان المخ، وتتداخل مع أمراض أخرى. وتختلف الأعراض في شدَّتها حسب حالة المريض، وتتمثَّل تلك الأعراض فيما يلي:

  • الغثيان والقيء دون وجود سبب واضح.
  • نوبات من الصُّداع تتفاوت في حدَّتها.
  • الضَّعف العام بالجسم.
  • نوبات تشنُّجية.
  • حدوث سلبيات في السمع أو طنين.
  • وجود صعوبة في التوازن.
  • وجود عيوب في الرُّؤية.
  • التَّغيُّر في السلوك الشخصي.
  • وجود صعوبة عند المشي.

ما أنواع أورام المخ؟

تتعدَّد تصنيفات أورام المُخ وفقًا لمعايير مُختلفة، ومن أشهر هذه التصنيفات تبعًا لمنطقة تكوُّن الوَرَم السرطاني ما يلي:

أورام المخ الأولية

تحدث أورام المخ الأوَّليَّة في خلايا المُخ أو بالأنسجة القريبة من الدماغ. مثل: الغُدَّة النُّخاميَّة، أو أعصاب المُخ، أو الغُدَّة الصنبورية، أو أغلفة المُخ (السَّحايا)، ويُسمَّى ذلك النوع باسم “أورام الدماغ الأساسية”، والتي تبدأ في التكوُّن عند حدوث طفرات في الحمض النووي المُكوِّن للخلايا، وبما يؤدي لنموها بصورة غير طبيعية، وتُعَدُّ فئة الأطفال أو الرُّضَّع هم الأكثر عُرضةً للإصابة بسرطان المخ الأوَّلي، وتُصنَّف أورام المُخ الأوَّليَّة وفقًا للخلايا والأنسجة والغُدد التي تُصيبها إلى ما يلي:

تصنيف أورام المخ الأولية

  • الوَرَم البطاني العصبي: وينشأ الورم البطاني العصبي في الخلايا العصبية للمُخ والحبل الشوكي، ويُصيب ورم المخ البطاني الأطفال في المراحل السنية المبكرة، ويسبب أعراضًا مُتباينة. ومن أبرزها الصُّداع، وتتركَّز الإصابة حال حدوثها عند كبار السن في الحبل الشوكي، ويؤدي ذلك إلى ضعف في أجزاء الجسم التي تتحكَّم فيها الأعصاب التي أُصيبت بالوَرَم.
  • وَرَم الأرومي النخاعي: ويبدأ حدوث ذلك الوَرَم في المُخيخ الذي يقع في الجزء الخلفي السُّفلي من الدماغ، والمُخيخ وظيفيًّا هو المسؤول عن الحركة والتوازن والتوافق العضلي عند الإنسان. وينتشر الوَرَم الأرومي النُّخاعي من خلال السائل الدماغي، ولا ينتقل ذلك النوع من أنواع سرطان الدماغ إلى أماكن أخرى بالجسم.
  • الوَرَم النجمي: يُعَدُّ الورم النجمي من بين أنواع سرطان الدماغ، ويبدأ تكوُّنه في الخلايا التي تدعم الخلايا العصبية بالمُخ أو بالحبل الشوكي، وتُعرف باسم “الخلايا النجمية”. وتتمثَّل أعراضه في الغثيان والصداع والنوبات. أو يُمكن أن تُحدث إعاقة بالنسبة للوَرَم النجمي الذي يحدث في الحبل الشوكي.
  • الوَرَم الأرومي الدبقي: ويُصيب ذلك النوع من أنواع سرطان المخ الحبل الشوكي أو الدماغ. ويُصاب به البالغون في الغالب، والعلاج من ذلك النوع صعب للغاية، ويتطلَّب فترة زمنية كبيرة.
  • وَرَم صنبوري الأرومي: ويُصيب ورم المخ الصنبوري الأرومي الخلايا المُكوِّنة للغُدَّة الصنبورية للمُخ، وهو من بين الأنواع النادرة للسرطانات. وجدير بالذكر أن وظيفة الغُدَّة الصنبورية تتمثَّل في إنتاج هرمون الميلاتونين. الذي ينظم الدورة الطبيعية للنوم والاستيقاظ لدى بني البشر، وورم المخ الصنبوري مُختلف الأعمار السنية. غير أنه يشيع أكثر عند الأطفال، وذلك النوع يصعب علاجه كيميائيًّا، وقد تكون جراحة سرطان الدماغ هي الحل الأمثل للعلاج في هذه الحالة.
  • وَرَم الدبقات منخفضة التغصُّن: الخلايا المُصابة بذلك النوع من أورام المخ هي المسؤولة عن إفراز المواد الحامية للخلايا العصبية، ويُصيب ورم الدبقات منخفضة التغصُّن المُخ والحبل النُّخاعي. ومن أبرز أعراضه المرضية الضعف العام، والصداع، والنوبات العصبية، ويُصيب ذلك الورم مُختلف الفئات العُمرية، وخاصة البالغين.

المزبد من اورام المخ الأولية

  • الوَرَم القحفي البلعومي: يُعَدُّ ورم المخ القحفي البلعومي من بين أنواع أورام الدماغ الحميدة، وهو بطيء في نُموِّه. وينشأ الوَرَم قريبًا من الغُدَّة النُّخامية بالمُخ، ويُصاب بالمرض الأطفال. وتختلف سُرعة نمو المرض من شخص لآخر.
  • الوَرَم السحائي: ينشأ ذلك النوع من أنواع سرطان الدماغ في الأغلفة التي تُحيط بالمُخ أو الحبل الشوكي. ويُطلق عليها (السَّحايا)، وهو من بين التصنيفات الشائعة، ونُموُّ الوَرَم السَّحائي بطيء للغاية. وقد يحدث ولا تظهر الأعراض إلا بعد سنوات طوال، غير أنه قيد يؤدي لحدوث إعاقات خطيرة في الجسم، وذلك النوع يُصيب النساء. ومن أعراض سرطان المخ عند النساء (الوَرَم السَّحائي): حدوث ضعف في الساقين واليدين، والشعور بالصُّداع الدائم، والنسيان أو فقدان الذاكرة، وسماع طنين بالأذنين أو فقدان السمع، وضعف حاسة الشم.
  • سرطان الضفيرة المشيمية الحليمي: ويُصيب سرطان الضفيرة المشيمية الحليمي الأطفال، وهو أحد نوعيات السرطانات النادرة. وينشأ في الضفيرة المشيمية قريبًا من النسيج الدماغي المسؤول وظيفيًّا عن إفراز سائل النُّخاع الشوكي. ويؤدي الوَرَم لتجمُّع سوائل في الدماغ، ومن بين أعراضه القيء والصداع، والانفعال دون مُبرِّر.
  • الوَرَم الشفاني: وذلك النوع من الأورام الحميدة، ويُعرف أيضًا بأسماء أخرى. مثل “الورم الشفاني الدهليزي”، و”ورم العصب السمعي”. ويُصيب العصب الذي يربط بين الأذن الداخلية والمخ. ويؤدي ذلك الوَرَم إلى ضعف السمع أو فقدانه، مع سميع طنين لا يُحتمل بالمخ، وفي بعض الحالات ينتشر في المُخ ويؤثر على وظائف الجسم الفسيولوجية.
  • الأورام الجنينية: تُعَدُّ الأورام الجنينية أحد أنواع سرطان المخ الخبيثة التي تحدث بكثرة عند صغار السن والرُّضَّع. وبداية نشوئها في الجهاز العصبي المركزي.
  • الوَرَم الدبقي: ويبدأ نشوء ذلك النوع من أورام المُخ في الخلايا الدبقية. أو باسم آخرَ “الخلايا الغروية”، والتي تتمثَّل وظيفتها في مُساعدة الخلايا العصبية على أداء عملها وتُحيط بها.
  • أورام الغدة النخامية: وتحدث تلك النوعية من أورام الدماغ في خلايا الغُدَّة النُّخامية، وبما يؤدي لحدوث عدم انتظام في الهرمونات التي تفرزها تلك الغُدَّة، وغالبية أورام الغُدَّة النُّخامية حميدة، ولا تنتقل لأماكن أخرى في جسم الإنسان. والتدخل من خلال جراحة سرطان الدماغ قد يكون علاجًا فعَّالًا في مثل هذه الحالات.

أورام المخ الثانوية

تحدث أورام المخ الثانوية في أجزاء أخرى بالجسم أولًا؛ وتنتقل في مراحل متقدمة إلى المخ. بمعنى أن نشوءها يُعزى لنوعيات سرطانية مُتباينة، ويُطلق على سرطانات المخ الثانوية “نقائل الدماغ”. وفئة البالغين هم الأكثر احتمالية للإصابة بسرطان المُخ الثانوي، ومن بين أنواع السرطانات التي يُمكن أن تنتشر في مراحل تطوُّرها وتُسبِّب سرطان المخ كل من: سرطان الكلى، وسرطان الثدي، وسرطان القولون، وسرطان الرئة.

كيف يمكن تشخيص سرطان الدماغ؟

يُوجد وسائل متنوعة يستطيع من خلالها الطبيب المُعالج أن يُشخِّص سرطان الدماغ. ويتمثَّل ذلك فيما يلي:

  • فحص السجل العائلي والتَّعرُّف على ما إذا كان أحد الأبوين أو الأجداد قد أصيبوا بذلك المرض سابقًا.
  • فحص الحالة العقلية الذهنية كأحد العوارض الرئيسية لمرض سرطان الدماغ.
  • إجراء الاختبارات الروتينية، والتي تتمثَّل في فحوصات الدم والبول ووظائف الكلى والكبد.
  • استخدام الأشعَّة المقطعية أو السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي للحصول على صور لمُكوِّنات المُخ، والتَّعرُّف على الأنسجة غير الطبيعية بالدماغ.
  • في حالة اشتباه الطبيب بحدوث سرطان الدماغ كنتيجة ثانوية للإصابة بنوع آخر من السرطانات مثل سرطان الرئة. يُمكن أن يتفحَّص الطبيب المُعالج ذلك، لمعرفة الأسباب.
  • في حالة تأكُّد الطبيب من وجود سرطان الدماغ؛ يقوم بأخذ عيِّنة من النسيج الوَرَمي. وَمِنْ ثَمَّ تحليلها في المعمل عن طريق أخصائي الباثولوجي.

ما تفاصيل جراحة سرطان الدماغ؟

  • تُستخدم جراحة سرطان الدماغ كَحَلٍّ للتَّخلُّص من الوَرَم. ويستهدف العلاج التَّخلُّص من الأنسجة المُصابة، مع مُراعاة عدم المساس بالأنسجة الأخرى للمُخ.
  • تُجرى العملية تحت المُخدِّر الكلي، ولا يستشعر المريض بأي آلام، ويستلزم ذلك حلق شعر الرأس بالكامل، وفتح ثُقب محدود للغاية في عظام الجُمجمة، وبعد الانتهاء من سحب النسيج المُصاب، تتم استعادة هيئة الجُمجمة مرَّةً أخرى وغلق الجلد؛ من خلال الدَّبابيس الطبية أو الغُرَز.
  • قد يلجأ الطبيب لجراحة سرطان الدماغ بالتزامن مع العلاج الإشعاعي أو الكيميائي، للإسراع بمُعدَّلات الشفاء.
  • نسبة نجاح جراحة سرطان المخ مُرتفعة للغاية، وتُشير التقارير الطبية إلى إمكانية الشفاء التام. وعدم مُعاودة السرطان لمُهاجمة الجسم مرَّةً أخرى، ويتوقَّف ذلك على حالة المريض قبل الجراحة.
  • لا يُمكن تحديد مُدَّة لجراحة سرطان الدماغ. ويتوقَّف ذلك على نوعية ومكان الوَرَم، وبعد الانتهاء من الجراحة يظل المرضى في المستشفى أو المركز العلاجي تحت الرعاية والمُتابعة، ولمُدَّة يُحدِّدها الطبيب المُعالج.

ما طبيعة فترة النقاهة بعد عملية جراحة سرطان الدماغ؟

تتطلَّب فترة ما بعد إجراء عملية جراحة سرطان الدماغ تأهيل للمريض على حسب الإشكاليات أو السلبيات التي أحدثها الوَرَم. ويتمثَّل ذلك فيما يلي:

  • العلاج الطبيعي: ويُساعد ذلك في استعادة حركة الذراعين والساقين بشكل طبيعي، ورفع مستوى القوة العضلية.
  • العلاج الوظيفي: وينصبُّ العلاج الوظيفي على استعادة قُدرات المُتعافين فيما يتعلَّق بالأداء المهني الخاص بهم.
  • علاج صعوبات التَّعليم: قد يُؤثِّر مرض سرطان الدماغ في حدوث صعوبات في التعلم عند الأطفال. مثل: التركيز والإدراك والتخاطب، ويُمكن الاستعانة بأخصائي صُعوبات تعلُّم في تلك الحالة.