جراحة الصرع والألم المزمن

تعد جراحة الصرع والألم المزمن بالمخ إحدى الجراحات الدقيقة، التي يقوم فيها الجراح بإزالة المنطقة التي تنشأ عنها نوبات الصرع، أو زراعة جهاز تقني ينظم الإشارات الكهربائية في فصي الدماغ، أو قطع التواصل بين منطقة الصرع والأعصاب. ومنع النبضات التي تُحدث الصرع، بالإضافة لخيارات جراحية متعددة حديثة. ويلجأ الأطباء للجراحة عند فشل الأدوية العلاجية في السيطرة على مرض الصرع، أو لتحسين وضعية المريض والتعايش بطريقة أفضل من الناحية البدنية والعصبية والنفسية.

ما مرض الصرع؟

يُعرَّف مرض الصرع بأنه اضطرابات عصبية تنشأ عن سلبيات في الإشارات الكهربائية بالمخ. ويتكرر حدوثها في صورة نوبات طويلة أو قصيرة، وعلى أثر ذلك قد تحدث إصابات في أجزاء الجسم نتيجة للسقوط والتشنج.

ما أعراض مرض الصرع؟

  • أعراض الصرع الرئيسية: يؤدي مرض الصرع إلى حدوث نوبات. بمعنى فقدان تام للوعي وبشكل مؤقت، ويقوم المريض بحركات تشنجية لا إرادية في كل من اليدين والقدمين. وتختلف النوبات الصرعية في حدتها على حسب نوعية المرض، وفي الغالب فإن نفس العلامات التي تظهر على المريض هى التي تُلاحقه في كل نوبة صرع.
  • أعراض الصرع الثانوية: توجد أعرض ثانوية لمرض الصرع بخلاف النوبات التشنجية. مثل: حدوث طفح أعلى الجلد، والصداع المزمن، والتوتر، والخمول، وسقوط أو بُطء نمو الشعر، والتهابات الفم واللثة.

ما العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بمرض الصرع (عوامل الخطورة)؟

  • أمراض الأوعية الدموية: قد تكون الأمراض الوعائية في الدماغ سببًا لحدوث الصرع، لذا يجب الابتعاد عن العادات السيئة؛ مثل: التدخين، وتناول الكحوليات، مع الاهتمام بمُمارسة التمارين الرياضية بانتظام، مع الحرص على الوزن الصحي المثالي.
  • العامل الوراثي: في حالة إصابة أحد الأبوين أو الأجداد بمرض الصرع. فإن هناك فرصة لانتقال الجينات المسببة للصرع عند الأبناء.
  • الارتفاع المستمر في درجات الحرارة فترة الطفولة: قد يصاحب الارتفاع في درجات الحرارة عند الأطفال لدواع مرضية مختلفة حدوث نوبات صرع خفيفة مؤقتة. ويصبح الوضع مستديما في مراحل زمنية تالية.
  • الإصابات الدماغية: حدوث ارتطام للرأس يمكن أن يسبب إصابة بمرض الصرع. لذا يجب أخذ الاحتياطات المناسبة عند قيادة السيارات أو الدراجات العادية أو النارية. مع مراقبة الأطفال أثناء اللعب، وتشير الدراسات الطبية الأكاديمية إلى أن نحو 17% من مرضى الصرع قد تعرضوا لصدمات دماغية قبل الإصابة بالمرض.
  • التهابات السحايا: قد تحدث عدوى ميكروبية لمنطقة السحايا في الدماغ. ويصبح هناك فرصة لإصابة بمرض الصرع.
  • المرحلة العُمرية: يمكن التعرض لمرض الصرع في مختلف المراحل العمرية. ويزيد بصفة أكبر عند الأطفال والشباب.
  • الهذيان والرعشة: يزيد الهذيان والرعشة من احتمال حدوث الإصابة بمرض الصرع عند البالغين.

ما طبيعة المضاعفات التي يسببها مرض الصرع؟

توجد مضاعفات متباينة تحدث نتيجة للإصابة بمرض الصرع:

  • الإصابات الجسدية أثناء حدوث نوبة الصرع.
  • القلق والاكتئاب النفسي.
  • حدوث مشاكل في مهارات التفكير.
  • النسيان الدائم وتدهور حالة الذاكرة.
  • انعدام الثقة بالنفس، وعدم وجود تقدير للذات.
  • حدوث مشاكل للجنين في حالة كون الأم مصابة.
  • حدوث موت مفاجئ. وذلك من بين الدواعي السلبية النادرة لمرض الصرع.
  • تأخير في النمو عند الأطفال.

ما تصنيفات النوبات؟

  • النوبات الجزئية: ويطلق عليها كذلك النوبات البؤرية. وهي تحدث نتيجة نشاط غير منتظم في أحد أجزاء الدماغ. ويشكل ذلك النوع 70% من حالات الإصابة بالصرع.
  • النوبـــــات العامة: وتحدث بسبب أنشطة غير منتظمة في جميع أجزاء الدماغ. وتمثل 30% من جُملة الحالات.
  • توجد حالات مرضية تحدث النشاط غير المنظم للنبضات الكهربائية في جزء من الدماغ وينتقل لجميع الأجزاء.

ما الفحوصات المستخدمة للتعرف على المنطقة التي تسبب الصرع في المخ؟

توجد مجموعة من اختبارات القياس التي تستخدم لتحديد أماكن الأنشطة الدماغية غير الطبيعية، ومن أشهرها:

  • مخــــــــطط كهربائية الدماغ: يوجد كثير من أنواع المخططات الكهربائية للدماغ. والأساسي منها يعرف بـ”EEG”. وهو عبارة عن دوائر معدنية يتم تثبيتها أعلى فروة الرأس، وبما يساعد على تحديد الأنشطة الكهربائية التي تنتجها الكرة الدماغية في حالة عدم وجود نوبات صرع. ويوجد نوع آخر من المخططات الكهربائية الدماغية، ويستخدم فيه جهاز كمبيوتر موصل بشاشة لمراقبة نشاط الدماغ. ومن ثم تسجيل النوبات عند حدوثها. وذلك هو الاختبار الرئيسي للكشف عن مرض الصرع.
  • التصوير باستخدام الرنين المغناطيسي: ويساعد التصوير بموجات الرنين المغناطيسي في تحديد الأنسجة التالي التي تسبب نوبات الصرع. وكذلك الالتهابات والأورام غير الطبيعية، وبما يسهل من التعامل معها جراحيا. حيث يحصل الطبيب على صور ثلاثية الأبعاد.
  • التصوير المقطعي بأشعَّة جاما: ويتيح ذلك الحصول على صور مجسمة أكثر دقة من طرق التصوير المقطعية الأخرى. وتعرف تلك الكاميرا باسم “كاميرا أشعة جاما”. وقبل القيام بالتصوير يتم حقن المريض بنظير مشع يعرف باسم “نيوكليد”. وكذلك محلول الجاليوم، للمُساعدة في تصوير التفاصيل.
  • تصوير مقطعي بالإصدار البوزيتروني: وهو أحد الأجهزة التي تستخدم فيها التقنيات النووية. حيث يتم التقاط صور ثلاثية الأبعاد للمناطق المُصابة في الدماغ. وتستخدم في ذلك حقن للمادة المشعة المرتبطة بجزيء سكر في الدماغ. وبما يتيح رؤية الأماكن المعيبة بسهولة.
  • الاختبارات النفسية العصبية: وتنصب تلك الاختبارات على وظائف الذاكرة. وتستخدم فيها بطاريات تقنية مخصصة. ويتيح ذلك النوع من الفحوصات معرفة المناطق المُصابة بالمخ وتؤدي إلى حدوث نوبات الصرع.
  • الاختبارات الوظيفية للدماغ: إن التعامل مع مريض الصرع، وإيجاد السبل المناسبة للعلاج يتطلَّب اختبارات لوظائف المخ، بمعنى القدرة على التحدث بطريقة طبيعة والمهارات الحسية والحركية والاستجابات. وتساعد هذه الاختبارات في تحديد المهام المزمع القيام بها من جانب الطبيب في سبيل العلاج. وتشمل هذه الاختبارات استخدم الرنين المغناطيسي الوظيفي لمعرفة مقدرة المريض على القراءة والاستماع. وكذلك المخطط الكهربائي الذي يتيح فرصة المقارنة بين النشاط النبضي الكهربي، والقدرات الحسية الحركية.

ما أنواع جراحة مرض الصرع؟

تتوقف جراحة الصرع على موقع العصبونات التي تؤدي إلى حدوث النوبات. وكذلك يلعب عمر المريض دورًا مهما في لجوء الطبيب للخيار الجراحي:

  • الإزالة القطعية للنسيج: تعد الجراحة القطعية هي الأكثر انتشارًا بين أنواع جراحة الصرع. حيث يقوم الطبيب بإزالة الأنسجة التي تحدث فيها النوبات، وفي الغالب فإن هذه المنطقة تتمثَّل في الفصوص الصدغية، والتي تساعد في تعبير الفرد عن مشاعره وعواطفه، والتحكم في الذاكرة، وفهم اللغات.
  • جراحة قطع الاتصال بالجهاز العصبي: ويقوم الطبيب المُعالجة في هذه الحالة بقطع اتصال المخ بالأعصاب دون الاستئصال.
  • إزالة الصوار الثفني: الصوار الثفني عبارة عن مجموعة من الألياف العصبية في الشق الطولي الدماغي وتحت القشرة، ولونها أبيض، ويوجد بها الملايين من الألياف العصبية التي تصل بين النصف المُخِّي الأيمن والأيسر، وتقوم بنقل النبضات الكهربائية فيما بينهما، ويقوم الطبيب في ذلك النوع من أنواع جراحة الصرع بإزالة الصوار الثفني، بشكل كلي أو جزئي، وفي الغالب تُستخدم هذه العملية عند الأطفال الذين يعانون من نوبات الصرع.
  • العلاج بالليزر: تساعد جراحة الصرع والألم المزمن؛ من خلال الليزر على إزالة الأنسجة الدماغية السلبية وتدميرها. وقبل القيام بتلك المهمة يقوم الطبيب بتصوير الأنسجة التي سيتعامل معها من خلال الرنين المغناطيسي.
  • زراعة مُولِّد النبضات الكهربائية: وفي تلك الحالة يقوم الطبيب بزراعة جهاز يصدر نبضات كهربائية منظمة في منطقة الصدر. وبما يحد من الأنشطة الشاذة التي تساعد في حدوث النوبات.
  • استئصال المادة الرمادية: هي عبارة عن إسفنجيات عصبونية وخلايا عصبية، كما ويطلق عليها كذلك “المادة السنجابية”. ويقوم الجرَّاح باستئصالها من جانب واحد في الدماغ، وتساعد في معالجة الأطفال من النوبات الصرعية.

ما مراحل العملية؟

تتمثَّل إجراءات أو مراحل عملية جراحة الصرع فيما يلي:

مـــرحلة ما قبل العملية

وفي تلك المرحلة يتم إخضاع المريض للفحوصات الاعتيادية المتعلقة بالدم، وكذلك التصوير بالأشعة المقطعية المغناطيسية، مع قياس ضغط الدم، والسكر، ثم يوصي الطبيب مريضه بإزالة الشعر من المنطقة التي سيعمل عليها الطبيب، كما ومن المفضل إزالة الشعر كليا.

أثنـــــاء إجراء العملية

يقوم الطبيب بتخدير الطبيب كليا، ثم توصيل الأجهزة الطبيبة المتعلقة بمُراقبة نبضات القلب، ورصد النبضات الكهربية الدماغية؛ لتحديد الأماكن التي تسبب مرض الصرع، ثم يقوم الطبيب بعمل ثقب صغير، في عظام الجمجمة، واستئصال النسيج المُصاب، أو وضع جهاز لتنظيم الإشارات الكهربائيَّة، أو قطع الألياف التي يسبب تواصلها حدوث الصرع، وفي نهاية العملية يقوم الطبيب بتضميد الجرح وغلقه.

مـــرحلة ما بعد العملية

  • يتطلب الأمر بقاء المريض في العناية المركزة لمدة يوم بعد إجراء جراحة الصرع، وجملة الفترة التي يقضيها المريض في المركز العلاجي أسبوع، ويمكن السيطرة على الآلام التي تحدث للمريض من خلال المسكنات، أو كمادات المياه الباردة، وفي الغالب تزول التورمات بعد أربعة أسابيع من تاريخ إجراء العملية.
  • يتطلب العودة للأنشطة اليومية العادية فترة تصل إلى أربعة أشهر. كما وانه من المهم أن يخلد المريض للنوم والاسترخاء، وخاصة في المراحل الأولى بعد إجراء الجراحة، وكذا يجب أن يتبع المريض الإرشادات والنصائح التي يُبديها الطبيب بكل دقة.

ما نتائج عملية جراحة الصرع؟

توجد مجموعة من المحددات التي تتحكم في نتائج عملية جراحة الصرع، ومن بين ذلك التشخيص السليم في البداية، واستخدام الطريقة الجراحية المناسبة، وخبرات الطبيب الجراح، وفي الغالب فإن نسبة عدم تعرض المرضي لنوبات في العامين الأول والثاني بعد القيام بجراحة الصرع تبلغ 90%. وفي الأعوام الخمسة التي تليها 95%، وفي الأعوام العشرة التي تليها 80%. وفي كثير من الحالات يوقف الطبيب الأدوية العلاجية للتشنجات بعد عام من إجراء العملية في حالة عدم التعرض لنوبات صرع.

ما أشهر أسماء الادوية؟

ينبغي أن يحدد الطبيب الأدوية المناسبة لمريض الصرع مع إجراء اختبارات؛ للتأكد من عدم وجود حساسية لدى المريض من المركب الكيميائي الفعال للدواء المقترح، وتنصب أدوية الصرع على الحد من ظهور نوبات التشنجات العصبية. ومن أشهر أسماء أدوية علاج الصرع كل من: كيبرا، ولاموترجين، ولاميكتال، وباربيتيورات، وريفتوريل، وكارباميزبين، وترانكسين، وليفيتر أسيتام، وتجريتول، ونجرانول، وفيتزكالم، وايبتول، وكاريانول، وفينيتوين، ودينتوينا، وسولفتون، وفينوباربيتون، وسابريل، وفالويرا، وفالبورات الصوديوم، وديباكين، وليريكا، وأبانيوتن…وغيرها.

كيف يمكن علاج مرض الصرع لدى الأطفال؟

يعطي الأطبَّاء للعقاقير الأولوية لعلاج الصرع عند الأطفال، حيث يتم تحديد أدوية تساعد في تجنب حدوث التشنجات. وذلك وفقًا لنوعية الصرع التي تصيب الطفل، وفي حالة وجود بؤر صرع قوية في الدماغ؛ فيمكن التعامل معها من خلال جراحة الصرع، مع أهمية اتِّباع الأطفال المُصابين بالصرع لأنظمة غذائية صحية.

ما العوامل التي تحفز ظهور النوبات عند مرضي الصرع؟

يوجد أكثر من عامل أو حدث يحفز من ظهور النوبات عند المرضى المُصابين بالصرع. مثل: الحالة النفسية السيئة، وقلَّة النوم، والتدخين، وارتفاع درجات الحرارة، والنشاط البدني العنيف.

ما الأعراض التي تحدث قبل نوبة الصرع؟

  • يوجد بعض من الأعراض التي تحدث قبل نوبة الصرع، ويتمثل ذلك في سماع طنين في الأذنين، أو حدوث تنميل في أصابع اليدين، أو بُقعة تظهر أمام عيني المريض. كما ويمكن أن تساعد تلك المؤشرات المريض في الاستغاثة أو الركون لمكان آمن وبعيدًا عن الآلات الحادة الخطرة.
  • بمجرد حدوث نوبة الصرع يدخل المريض في مرحلة فقدان للوعي لمدة تتراوح بين عشر إلى عشرين ثانية، ويطلق على هذه المرحلة اسم “المرحلة التوترية”، ثم يحدث انقباض وتشنُّج للجسم بشكل منظم. ويتراوح ذلك بين دقيقة إلى دقيقتين في الغالب، ويُطلق على هذه المرحلة اسم “المرحلة الارتعاشية”.

ما الطريقة الصحيحة للتعامل مع المريض أثناء نوبة الصرع؟

  • من المهم عند حدوث حالة صرع للمريض أن يقوم المحيطون بتوفير مكان مناسب على الأرض مع وضع بطانية أسفل المريض، ويمكن فك أزرار القمصان التي تضغط على العنق، مع وضع الرأس في وضعية الإفاقة، والهدف من ذلك منع وصول السوائل لمنطقة الرئتين. حيث إن ذلك قد يؤدي ذلك للاختناق – لا قدر الله – مع أهمية مراعاة الجانب الإنساني في المحافظة على خصوصية المريض، ويجب أن يمتلك المُساند لمريض الصرع أثناء النوبة خبرات التعامل مع بلع اللسان لتجاوز تلك المحنة في حالة حدوثها.
  • في حالة استمرار نوبة الصرع لدى المريض لفترة تتخطَّى خمس دقائق، والأمر نفسه في حالة وجود نوبتين صرعيتين في أقل من ساعة، فمن الضروري التوجُّه للمستشفى لتلقِّي الإسعافات المناسبة.

هل يوجد علاج نهائي لمرض الصرع؟

إلى وقتنا هذا لا يوجد علاج يخلِص المرضى من الصرع بشكل نهائي. وجميع الطرق والوسائل العلاجية تنصب على الإقلال من نوبات الصرع، غير أن هناك حالات تستجيب للتدخل الجراحي، ويمكن وقف الأدوية المتعلقة بالنوبات، كما وهناك احتمالية ضئيلة لحدوث تشنجات صرع على فترات مُتباعدة للغاية.