المعالجة الكهربائية

تُعرف المعالجة الكهربائية “Electrotherapy” على أنها تطويع للطاقة الكهربائية في سبيل التخلص من بعض الأمراض التي تصيب الإنسان، وهو علاج  مُجدي لكثير من الحالات وفقًا لما أقره عدد كبير من الدراسات الطبية، ولقد ظهرت أول استخدامات الكهرباء الطبيبة في عام 1767م بالعاصمة الانجليزية “لندن”، وتبع ذلك ظهور تقنيات مختلفة في دول أخرى، ومع مطلع الألفية الثالثة توسعت الكثير من الجهات في استخدام المعالجة الكهربائية، وخاصة فيما يخص الاعتلالات العصبية، ومشاكل العضلات. 

ما أبرز استخدامات المعالجة الكهربائية؟

تساعد المعالجة الكهربائية في الحد من أعراض ومضاعفات حالات مرضية كثيرة، وسوف نفصلها فيما يلي:

الاعتلال العصبي المحيطي (الشلل)

للمعالجة الكهربائية دور فعال في معالجة المضاعفات التي تنشأ عن الاعتلال العصبي المحيطي، وهو الجهاز المسؤول عن إرسال المعلومات من الدماغ والنخاع الشوكي إلى جميع أجزاء الجسم، يحدث مرض الاعتلال العصبي المحيطي نتيجة لإصابة الأعصاب المحيطية التي توجد خارج الدماغ والنخاع الشوكي بالتلف، ويؤثر ذلك على كثير من المناطق بالجسم.

من الممكن أن يكون الاعتلال العصبي المحيطي أحادي بمعنى يصيب عصب واحد. مثل: الإصابة بمرض “متلازمة النفق الرسغي”، أو  يمكن أن يصيب الاعتلال العصبي المحيطي عصبين أو أكثر ويطلق عليه في ذلك الوقت “الاعتلال العصبي المتعدد”.

تتوقف طبيعة الأعراض التي تصيب المريض على مكان الإصابة، نظرًا لأن كل عصب في الجهاز العصبي المحيطي يختص بوظيفة معينة، ويمكن تصنيف الأعصاب إلى أعصاب حركية تتحكم في عضلات الجسم، و أعصاب حسية مسؤولة عن اللمس والإحساس بالحرارة والبرودة والاهتزاز والألم، وأعصاب مستقبلة مسؤولة عن نبض القلب والتعرق والضغط ووظائف البول والهضم.

من أبرز أعراض الاعتلال العصبي المحيطي ما يلي:

  • الشعور بالوخز و الألم المبرح و التنميل والخدر في القدمين واليدين، ويمكن أن ينتقل ذلك إلى الساقين والذراعين.
  • الحساسية الشديدة عند لمس الأشياء.
  • عدم التوازن وضعف في العضلات.
  • الشعور بألم في منطقة القدمين عند رفع حمل.
  • الشلل عند وجود إصابة في الأعصاب المسؤولة عن الحركة.
  • فرط التعرق وانخفاض ضغط الدم وعدم تحمل الحرارة المرتفعة عند وجود إصابة في الأعصاب اللاإرادية.

يُوجد أسباب متنوعة للإصابة بالاعتلال العصبي المحيطي، وتتمثل فيما يلي:

  • الأورام الحميدة والغير حميدة: في حالة نمو الأورام سواء أكانت حميدة أو غير حميدة على الأعصاب؛ فأنها تسبب الاعتلال العصبي المحيطي.
  • الاضطرابات الوراثية: يوجد نوعيات مختلفة من الاضطرابات الوراثية التي تؤدي إلى الإصابة بالاعتلال العصبي المحيطي مثل: مرض شاركو ماري.
  • داء السكري: يعتبر داء السكري من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الاعتلال العصبي المحيطي، وخاصة مع التقدم في العمر.
  • الإصابة بأحد أمراض المناعة الذاتية: يوجد أنواع مختلفة من الأمراض المناعية التي يمكن أن تصيب الإنسان، ومن بين ذلك: متلازمة غيلان باريه، والتهاب المفاصل الروماتويدي، ومتلازمة شوغرن، والذئبة الحمامية، وهذه النوعية من الأمراض من بين أسباب الاعتلال العصبي المحيطي.
  • أسباب أخرى: يوجد أسباب أخرى للإصابة بالاعتلال العصبي المحيطي مثل: أمراض الغدة الدرقية وأمراض الكبد والكلى، وبعض السلوكيات السيئة مثل: كثرة تناول الكحوليات والتدخين،  والعلاج الكيميائي لمرضى السرطان، والتعرض لبعض أنواع السموم؛ مثل: الزئبق والفسفور والرصاص.

يُمكن للأطباء تشخيص مرض الاعتلال العصبي المحيطي عن طريق: الفحص العصبي للمريض، وفحوصات الدم، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي الحاسوبي، واكتشاف أي خطأ في وظائف الأعصاب عن طريق مخطط الكهربية.

تختلف طريقة علاج الاعتلال العصبي المحيطي على حسب طبيعة كل حالة، ويستخدم في ذلك أدوية لتسكين الآلام، ومضادات لنوبات الصرع في حالة وجودها، ومضادات الاكتئاب، وكريمات موضعية، و للمعالجة الكهربائية تأثير فعال في تحفيز أعصاب الجلد ويكون ذلك على عدة جلسات حسب ما يقره الطبيب المعالج.

اضطراب الدورة الدموية المحيطية

يعرف مرض اضطراب الدورة الدموية المحيطية على أنه حدوث تضيق أو انسداد في أحد الشرايين التي تغذي الأطراف، وغالبًا ما يصيب ذلك المرض الساقين، وفي تلك الحالة لا يتم الحصول على كمية الدم النقي والغذاء المناسب، وتختلف حدة ذلك من شخص لآخر، حيث أنه ومع المشي تحدث آلام في الساق، ويمكن أن يسبب ذلك “العرج” في حالة إهمال العلاج، وسبب ذلك المرض هو ترسب الكولسترول على الشرايين من الداخل. 

من أبرز أعراض مرض اضطراب الدورة الدموية المحيطية: 

  • حدوث ضعف أو تنميل في الساق أو الفخذين أو الوركين، ويظهر ذلك بعد ممارسة النشاط البدني مثل: الركض أو صعود الدرج أو المشي. كما وانه يمكن أن تحدث تقرحات في الأصابع أو القدم ولا تشفي. مع إمكانية تغير لون الساق، وكذا سقوط الشعر من منطقة القدم والساق، ويمكن أن يحدث ضعف في الانتصاب، وكذلك ضعف في نبض القدمين أو الساق.  
  • يحدث ذلك المرض نتيجة لتصلب الشرايين، أو التهاب الأوعية الدموية، أو التعرض للإشعاع، ومن أبرز عوامل الخطر التي تزيد من فرص الإصابة بمرض التهاب الدورة الدموية المحيطية: الإصابة بداء السكري، والسمنة المفرطة، والتدخين، وارتفاع ضغط الدم، والتقدم في العمر وارتفاع نسبة الكولسترول الضار.
  • من بين مضاعفات ذلك المرض إمكانية حدوث السكتة الدماغية، وحدوث إفقار في الأكسجين المتجه إلى الساقين، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى موت الأنسجة، ومن ثم الحاجة لبتر أحد الأطراف – لا قدر الله.

يمكن تشخيص مرض التهاب الأوعية الدموية المحيطية عن طريق: فحص المريض بدنيًا والتعرف على مدى ضعف النبض في الأطراف، أو وجود جروح لا تشفى، ويمكن إجراء اختبارات الدم للتعرف على نسبة الدهون الثلاثية والكوليسترول، وكذلك يمكن استخدام الموجات فوق الصوتية، وتصوير الشرايين الطرفية، ويمكن التصوير عن طريق القسطرة الاستكشافية.  

يستخدم الطبيب وسائل مختلفة لمعالجة المرض، ومن بينها: أدوية الضغط والسكر، وكذلك الأدوية التي تخفض من نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية، مع أهمية تغيير نمط الحياة وتناول أغذية صحية، والتوقف عن التدخين وتناول الكحوليات، ويمكن استخدام المعالجة الكهربائية للتخلص من المضاعفات التي تحدث نتيجة الإصابة بالتهاب الأوعية الدموية المحيطية.

التئام الجروح

يمر التئام الجروح بمجموعة من الخطوات المعقدة. حيث يقوم الجلد والأنسجة الأخرى بالجسم بإصلاح نفسها، ويتكون جلد الإنسان الطبيعي من طبقة البشرة الخارجية وطبقة الأدمة الداخلية. حيث يعملان على حماية أجزاء الجسم الداخلية من العوامل الخارجية.

وفي حالة حدوث جرح للجلد، تحدث خطوات متعددة وهي: التجلط والالتهاب ويتبع ذلك نمو النسيج واستعادة الهيئة مرة أخرى. وأجريت الكثير من الأبحاث منذ فترة حول إمكانية استخدام الطاقة الكهربية في التئام الجروح. وأتى ذلك بثماره وتم اصطناع الكثير من التقنيات المستخدمة في المعالجة الكهربائية للجلد.

الضعف العضلي

  • يعاني البعض من الضعف العضلي، ويظهر ذلك عند بذل مجهود. حيث يحدث تقلص للعضلات بشكل طبيعي. وقد يحدث ذلك لفترة مؤقتة نتيجة للإجهاد، غير أنه في حالة  الاستمرار على تلك الحالة بدون وجود أية أسباب واضحة. فإن ذلك يشير إلى وجود علة طبية.
  • تقوم العضلات بالانقباض بشكل لا إرادي نتيجة لتوجيه الدماغ إشارة عصبية من خلال الحبل النخاعي إلى العضلة المسؤولة عن الانقباض، وحال وجود مشكلة في الحبل النخاعي أو الإصابة أو الدماغ؛ فإن ذلك قد يؤدي إلى عدم قدرة العضلات على الانقباض بصورة طبيعية.

من أبرز الأعراض التي تسبب الضعف العضلي: الألم، والتشنجات العضلية، والشعور بوخز وحرقة في العضلات. وعدم القدرة على التنسيق العضلي الحركي، وفي بعض الأحيان يحدث حمى وصداع ودوخة وفقدان التوازن وإسهال وإعياء.

يوجد مجموعة كبيرة من الأسباب التي تؤدي إلى الضعف العضلي، ومن بين ذلك: قصور الغدة الدرقية، وارتفاع نسبة الكالسيوم، وعدم الحركة، و متلازمة غيلان باريه، والتسمم الغذائي، والحمى الروماتيزمية، والضمور العضلي، والسكتات الدماغية، ونقص التوتر العضلي، و الالتهاب العضلي المزمن، واضطرابات المناعة.

يمكن تشخيص الضعف العضلي عن طريق الأشعة المقطعية المحوسبة CT، واختبارات الدم، ومخطط الأعصاب، واختبار رد فعل العضلات.

يمكن استخدام المعالجة الكهربائية والعلاج الدوائي في سبيل السيطرة على مضاعفات الضعف العضلي وفقًأ لخطة علاجية على حسب حالة المريض.

ضمور العضلات

  • تستخدم المعالجة الكهربائية بكفاءة في معالجة ضمور العضلات، وهذا المرض عبارة عن  فقدان في حجم العضلات وضعفها بصورة تدريجية. نتيجة لوجود طفرات جينية سلبية تمنع بناء العضلات بشكل سليم. وغالبًا ما تبدأ أعراض الضمور العضلي بمرحلة الطفل، ويصاب به الذكور بنسبة أكبر من الإناث. ويوجد بعض أنواع هذا المرض التي لا تظهر إلا في مرحلة المراهقة أو البلوغ.
  • تتمثل أعراض الضمور العضلي في  صعوبة القيام من وضعية الجلوس أو الاستلقاء، وتأخر النمو، وصعوبة في التكلم، وكذلك السقوط بصورة متكررة، والمشي على  أطراف أصابع القدمين، والشعور بوخز وألم في العضلات.

من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بذلك المرض. الطفرات الجينية الموروثة، ويوجد مجموعة من العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بضمور العضلات. من بين ذلك السجل العائلي في حالة وجود أحد الأقارب مصابا بالمرض.

يسبب ضمور العضلات مجموعة من المضاعفات. مثل: الصعوبة في استخدام الذراعين واليدين، والصعوبة في المشي. ومشاكل في عضلة القلب، ومشاكل في البلع، وصعوبة في التنفس.

يمكن تشخيص ضمور العضلات عن طريق: تحليل عينة من العضلة، واختبار الجينات والأنزيمات، ومراقبة القلب والرئة؛ للتعرف على مدى قيامها بوظائفها بصورة طبيعية من عدمه.

التهابات المفاصل

مرض التهاب المفاصل عبارة عن ألم في أحد المفاصل التي تربط بين العظام بالجسم. وينقسم ذلك الالتهاب إلى نوعين أساسيين، وهما: التهاب المفصل الروماتويدي، ويحدث نتيجة لمهاجمة جهاز المناعة للمفاصل، والتهاب المفاصل العظمي، ويحدث نتيجة الكدمات والتمزقات في الغضاريف.

جدير بالذكر أنه يوجد أنواع أخرى لالتهاب المفاصل نادرة الحدوث؛ مثل: التهاب المفاصل  التفاعلي، والتهاب المفاصل البقعي، والتهاب المفاصل الصدفي، والتهاب المفاصل المقسط. 

تتمثل أعراض التهاب المفاصل في: عدم القدرة على الحركة، والتورم، والألم، والاحمرار.

يوجد مجموعة من عوامل الخطورة التي تجعل هناك احتمالية للإصابة بالتهابات المفاصل، ويتمثل ذلك في: التقدم في العمر، أو السجل العائلي، والإصابات السابقة الناتجة عن الحوادث أو المشاجرات أو ممارسة الرياضة العنيفة، والجنس حيث أن السيدات معرضات بصورة أكبر. 

يتم تشخيص التهابات المفاصل من خلال: الفحص البدني واكتشاف علامات في منطقة المفاصل، وكذلك اختبار القدرة على الحركة، كما يوجه الطبيب مريضه بإجراء اختبارات الدم، والتصوير عن طريق الأشعة السينية أو التصوير بالأشعة المقطعية، أو الموجات الصوتية.

يمكن علاج التهاب المفاصل عن طريق مضادات الإلتهابات، والعلاج الطبيعي، وكذلك فإن المعالجة الكهربائية تلعب دور مهم في تعافي المريض.

الأورام السرطانية

تستخدم المعالجة الكهربائية في تدمير الأورام السرطانية. وفي ذات الوقت لا يحدث أي تلف بالنسبة للأنسجة المحيطة، ولقد أجريت الكثير من الدراسات الناجحة حول ذلك فيما يخص مرضى سرطان الكبد.

يتم استخدام تيار كهربائي عالي الجهد عن طريق إدخال إبرة دقيقة إلى مكان الورم السرطاني. ومن ثم تذوب الخلايا السرطانية، ويتم تنظيفها بواسطة الجراح. وتلك الآلية مُجدية حيث تنجذب الخلايا السرطانية المشبعة بالمياه إلى الشحنة الكهربائية.

سلسل البول

يصاب البعض بسلس البول و يفقدون قدرتهم في السيطرة على عضلة المثانة. وهي مشكلة تسبب حرجًا شديدًا، وتتباين حدة ذلك المرض بين مريض وآخر، والبعض يحدث له تسريب في أي وقت. وآخرون عند العطس أو السعال، والبعض تنتابهم الرغبة الشديدة في التبول، ولا يستطيعون التحكم في البول قبل الوصول إلى دورات المياه.

يوجد أنواع مختلفة من سلس البول؛ فهناك سلسل البول المُلح حيث يُحدث بسبب حاجة مفاجئة للتوجه نحو المرحاض والتبول. وسلسل البول الاجهادي يحدث أثناء الضحك الشديد أو السعال أو العكس أو إثناء رفع حمل ثقيل أو خلال ممارسة الرياضة، وسلسل البول المختلط وهو مزيج بين النوعين سلس البول المُلح وسلسل البول الاجهادي، وسلسل البول الفيضي وهو الشعور بتساقط مستمر في البول نتيجة لعدم الإفراغ الكامل لعضلة المثانة، وسلسل البول الوظيفي ويحدث بسبب الإعاقة البدنية التي تمنع من التوجه إلى المرحاض في التوقيت المناسب.

يحدث سلس البول نتيجة لبعض العادات اليومية والتي تؤدي إلى إدرار البول مثل: أدوية القلب والمهدئات وباسطات العضلات و ضغط الدم، وتناول الكافيين، والمياه الغازية، والكحوليات، والأطعمة الحريفة، والشيكولاته.

قد تحدث الإصابة بسلس البول نتيجة لدواعي مرضية. مثل: التهاب المسالك البولية، والإصابة المزنه بالإمساك، وانقطاع الطمث، والاضطرابات العصبية، والإصابة بتضخم البروستاتا، ووجود انسداد في مجرى البول.

يوجد عوامل خطر مختلفة تؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بسلس البول. ومن بين ذلك الجنس حيث أن النساء تصاب بنسبة أكبر، والتقدم في العمر. حيث يصيب ذلك المرض فئة كبار السن بنسبة أكبر، والتدخين، والسمنة المفرطة، والسجل العائلي.

يمكن استخدام المعالجة الكهربائية للتخلص من مرض سلس البول. من خلال إدخال أقطاب بشكل مؤقت في المستقيم. ويساعد ذلك على تقوية العضلات الخاصة بالحوض بالتزامن مع تناول الأدوية العلاجية.