إعادة تأهيل الأطفال

يُعاني بعض الأطفال من تأخر عقلي وبدني، وينبغي أن يتم توفير طرق علاجية بشكل مُختلف عن الفئات العمرية الأكبر، وإعادة تأهيل الأطفال إحدى التخصصات الطبيبة المُستحدثة، وهي عبارة عن إجراءات شاملة تستهدف تلبية الحاجات الدائمة  أو المؤقتة للأطفال، والتي تنتج عن سلبيات و اضطرابات النمو أو في فترة الطفولة المبكرة، والهدف من إعادة تأهيل الأطفال تحقيق الاستقلالية وتعزيز القدرات لأقصى حد ممكن، ويتوقف ذلك على طبيعة كل حالة حدا.

حقائق مهمة حول إعادة تأهيل الأطفال

  • يساعد إعادة التأهيل في منح الأطفال القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية، والمشاركة في التعليم، وفي أداء الأعمال مستقبلًا، وأداء الدور المنوط بهم اجتماعيًا.
  • لا زالت تفتقر الكثير من البلدان إلى خدمات إعادة تأهيل الأطفال، وذلك نتيجة لانخفاض الدخل الاقتصادي، كما أن ظهور بعض الجوائح مثل كورونا عطل من تطبيق هذه البرامج.
  • تزداد الاحتياجات الخاصة ببرامج إعادة تأهيل الأطفال في تلك الفترة؛ نظرًا للمتغيرات التي تحدث على الجانب الصحي، وظهور الكثير من الأمراض والإعاقات.
  • تفيد بعض الدراسات الطبية الصادرة عن منظمة الصحية العالمية إلى أن هناك ما يقارب 2.5 مليار من الأشخاص سواء أطفال أو بالغين استفادوا من برامج إعادة التأهيل، وأصبحوا متعايشين مع حالتهم الصحية.

ما الأمراض التي تُعالج من خلال برامج إعادة تأهيل الأطفال؟

يتم معالجة مجموعة كبيرة من الأمراض عن طريق البرامج التخصصية في إعادة تأهيل الأطفال، ومن أبرز هذه الأمراض ما يلي:

فشل النمو

  • يُعد فشل النمو من بين الحالات التي تدخل دائرة اهتمام المُختصين بإعادة تأهيل الأطفال، وغالبية الأطفال يكتسبون الوزن مع مرور الوقت، وبما يساعد على النمو في السنوات الأولى بعد الولادة، غير أن هناك بعض الحالات التي يحدث لها فشل في اكتساب الوزن،  أو يعانون من النمو بشكل ضعيف، ويكون ذلك نتيجة لسوء التغذية أو الإصابة ببعض الأمراض.
  • في الغالب يتم تشخيص هذه الحالة خلال فترة الرضاعة أو في السنة الأولى من عمر الطفل، وهي فترة مرحلية مهمة في سبيل التطور العقلي والبدني، حيث أن فشل النمو في تلك المرحلة يكون له أثار سلبية بالنسبة لتطور الدماغ.
  • من المفترض أن يزيد وزن الطفل بعد أربعة أشهر من الولادة إلى الضعف، وفي نهاية السنة الأولى يصبح وزنه ثلاثة أضعاف، ولا يتحقق ذلك بالنسبة للأطفال المصابين بفشل النمو، وفي حالة عدم معالجة هذه الحالة مبكرًا فإن الطفل سوف يصاب بمشاكل في التنفس ونهجان، مع فقدان الاهتمام بالمحيطين، ويحدث تأخر في تعلم الكلام والمشي والجلوس.
  • يتضمن إعادة تأهيل الأطفال المرضى بفشل النمو الكشف عند أخصائي التغذية والمعالجة الدوائية والعلاج المهني والسلوكي، ويكون البرنامج على حسب طبيعة كل حالة.

الشلل الدماغي عند الأطفال

  • يُعرف الشلل الدماغي على أنه اضطرابات تؤدي إلى سلبيات في الحركة مع توتر وتشنج عضلي، ويحدث ذلك المرض نتيجة لتلف وعدم اكتمال النمو بالنسبة الدماغ، ويكون ذلك في المرحلة قبل الولادة.
  • يحدث مرض الشلل الدماغي بسبب عدوى تنتقل من الأم لجنينها، أو بسبب نقص الأكسجين في دماغ الجنين، أو نتيجة لطفرات جينية سلبية، أو نزيف يحدث في دماغ الجنين.
  • يحدث الشلل الدماغي التشنجي خلال مرحلة العملية أو أثناء الولادة أو الفترة التي تلي الولادة وحتى سن خمس سنوات، ويصيب ذلك المرض حالة بين كل أربعمائة طفل مولود.
  • يوجد أربعة أنواع من الشلل الدماغي، ويتمثل ذلك في: الشلل الدماغي التشنجي، والشلل الدماغي الحركي، والشلل الدماغي الرنحي، والشلل الدماغي منخفض التوتر.

صنف الأطباء مرض الشلل الدماغي إلى خمسة مستويات كما يلي:

  • المستوى الأول: وفيه يمكن للطفل التحرك بدون مشاكل.
  • المستوى الثاني: يمكن للطفل أن يمشى، غير أن هناك إعاقة عند القفز أو الجري.
  • مستوى ثالث: وفي ذلك المستوى فإن الطفل يحتاج لكرسي متحرك، غير أنه يمكنه أن يقف.
  • المستوى الرابع: يمكن للطفل في ذلك المستوى أن يمشي عن طريق بعض أجهزة الدعم.
  • المستوى الخامس: في ذلك المستوى فإن الطفل يحتاج للدعم الكامل في سبيل المحافظة على ثبات الرأس والجلوس والوقوف.

يتم تشخيص الشلل الدماغي عند الأطفال عن طريق:

فحوصات الدم التي تكشف وجود أمراض وراثية، و مخطط كهربية الدماغ، أو التصوير بالموجات فوق الصوتية، أو الرنين المغناطيسي.

يمكن إعادة تأهيل الطفل وعلاجه عن طريق أدوية علاجية، أو تمارين رياضية عضلية، ويساعد ذلك على تحقيق المرونة والتوازن والنمو الحركي، ويبدأ ذلك من السنة الأولى بعد الولادة. 

إصابات الدماغ عند الأطفال

تعتبر إصابات الدماغ التي تحدث نتيجة للارتطام أو الحوادث من بين ما يتم معالجته عن طريق برامج إعادة تأهيل الأطفال، وفي مقدمة ذلك ارتجاج المخ، وغالبًا ما تكون الأعراض بسيطة، ومن الممكن التغلب عليها والتعافي خلال فترة بسيطة.

بعض من حالات إصابات الدماغ تحتاج لتأهيل في ظل وجود صعوبة في التذكر والانتباه وتداخل الكلام و الإصابة بالدوخة والصداع والإرهاق والتشوش ومشاكل في الرؤية، وفي تلك الحالة فإن الأمر يتطلب علاج دوائي وسلوكي.

متلازمة الحبل الشوكي المربوط

متلازمة الحبل الشوكي المربوط عبارة عن تشوهات في الحبل الشوكي قد تحدث عند الولادة، بسبب مشاكل في مراحل نمو الجنين، وقد يتم اكتشاف ذلك في مرحلة مبكرة، أو في وقت متأخر بمرحلة المراهقة. 

أعراض متلازمة الحبل الشوكي المربوط

آلام في منطقة الظهر والساقين والمستقيم والأعضاء التناسلية، وعدم القدرة على حركة الأمعاء والمثانة.

يوجد الكثير من الأساليب العلاجية لحالات الحبل الشوكي المربوط عند الاطفال

ومن بين ذلك: الأدوية الكيمائية، والتدخلات الجراحية، ويتطلب ذلك ايضًا إعادة تأهيل الأطفال من الناحية النفسية والبدنية.

إصابات الحبل النخاعي عند الأطفال

المقصود بإصابات الحبل النخاعي حدوث ضرر في جزء من النخاع الشوكي أو الأعصاب التي تمتد من نهايته، وتؤثر هذه النوعية من الإصابات على حياة الأطفال من الناحية النفسية والاجتماعية، ويحدث ذلك نتيجة لأعمال العنف أو السقوط أو ممارسة الرياضة العنيفة أو الحوادث.

تؤدي إصابات الحبل النخاعي إلى كثير من المضاعفات، ومن بين ذلك:

توقف حركة الأمعاء، وعدم قدرة الطفل في السيطرة على المثانة وتخزين البول. ومشاكل في الدورة الدموية، وفقد الإحساس بالجلد، والإصابة بهشاشة العظام، وعدم وجود تناغم في العضلات، وصعوبة في التنفس، والضعف الجنسي، وحدوث اكتئاب، والتهابات المفاصل والعظام.

تشمل طرق تشخيص إصابات الحبل النخاع كل من:

التصوير المقطعي المحوسب، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير بالأشعة السينية.

يتطلب علاج إصابات الحبل النخاعي وصف مجموعة من الأدوية، وكذلك استخدام الأطراف الطبيبة الصناعية، وبعد استقرار الحالة يمكن إعادة تأهيل الأطفال؛ من خلال التمارين الرياضية والترفيهية.

متلازمة داون

تحدث متلازمة داون أو بمسمى آخر “البله المنغولي” نتيجة لخلل وراثي، وبما يؤدي إلى زيادة بشكل جزئي أو كلي في الصبغي 21، ويسبب ذلك تغيرات في نمو الطفل وملامحه الجسمية، وتختلف حدة التغيرات التي تسببها متلازمة داون ما بين طفل وآخر.

إعادة تأهيل الأطفال المصابين بهذه المتلازمة في مرحلة مبكرة سوف يؤدي إلى تحسين نوعي في الحياة:

حيث أنه في الآونة الأخيرة ونتيجة للتطور الطبي الذي نشهده ارتفعت معدلات أعمار المصابين بهذه المتلازمة إلي ما يفوق الستين.

يتميز الأطفال المصابين بمتلازمة داون بملامح معينة مثل: 

  • الرقبة القصيرة، والوجه المسطح، والجفون المائلة، والرأس الصغير، واللسان البراز، والأصابع القصيرة، والمرونة المفرطة بالجسم، وقصر القامة، والأذنين الصغيرتين.
  • تسبب متلازمة داون ضعف في الإدراك عند الأطفال، ومشاكل في الذاكرة، وتأخر في تعلم اللغة، ويكون ذلك بين معتدل ومتوسط.
  • يمكن تشخيص حالة الطفل المصاب بمتلازمة داون أثناء فترة الحمل من خلال الاختبارات الروتينية. من خلال سحب عينة من الخلايا المشيمية.
  • بمجرد علم الأبوين بأن الطفل مصاب بمتلازمة داون فإن الحزن والخوف والقلق يتملكهم نتيجة لوجود طفل معاق، وما يتطلبه ذلك من رعاية خاصة، وفي تلك الفترة فإن الأمور أصبحت أكثر سهولة ويسر. ويمكن عن طريق برامج إعادة تأهيل الأطفال التخلص من السلبيات، والانطلاق نحو حياة أفضل.

اضطرابات اللغة والنطق

يواجه البعض من الأطفال مشاكل في اللغة والنطق، وهي اضطرابات غير شائعة. حيث تحدث مشاكل في المخ تؤدي إلى التوقف عن تطور حركات النطق، وفي سبيل تعديل المسار والنطق بشكل صحيح، فإنه ينبغي على المخ أن ينشط ويخبر العضلات المسؤولة عن النطق؛ من أجل تحريك الفم واللسان والشفتين، وإصدار الأصوات بصورة صحيحة.

تتمثل أعراض الإصابة باضطرابات اللغة والنطق في: 

  • تأخر التحدث، أو نطق مجموعة بسيطة من الكلمات، أو إصدار أصوات بشكل محدود. ويتم ملاحظة ذلك بعد العام الأول من الولادة،  حيث أنه عادة ما يصدر الأطفال كلمات بعدد أكبر في المرحلة ما بين عامين وأربعة.
  • في غالبية حالات الإصابة باضطرابات اللغة والنطق لا يتوصل الأطباء لسبب حدوث ذلك. وهناك حالات أخرى يعود السبب إلى عدوى الدماغ، أو السكتات الدماغية، أو الاضطرابات الوراثية.
  • يقوم المختصون عن برنامج إعادة تأهيل الأطفال بإجراء الفحوصات الخاصة بالنطق وتشخيص الحالة. ويتضمن ذلك اختبار السمع، وتقييم الحركات، والكلام، وتتوقف خطة العلاج على طبيبة الحالة، ويوجد خيارات دوائية ومهنية متنوعة.

الاضطرابات السلوكية عند الأطفال

خلال مرحلة النمو يتعلم الأطفال كثير من الأمور، ومن بين ذلك التحكم في البراز والبول. ويعتمد ذلك على مدى نمو الدماغ والأعصاب، أما فيما يخص المهارات السلوكية في المنزل أو المدرسة، فإن الطفل يتعلمها نتيجة لحدوث تفاعل مركب بين النمو البدني والعقلي للطفل، ويعرف ذلك بمصطلح التطور المعرفي، وفي حالة وجود مشاكل سلوكية فيمكن أن تصبح من الأمور المقلقة بالنسبة للأبوين، ويتضمن ذلك اضطرابات في تناول الغذاء، العنف، ونوبات الغضب، ومشاكل النوم، وتجنب التوجه إلى المدرسة، ونقص الانتباه وفرط النشاط.

تتطلب الاضطرابات السلوكية عند الأطفال تدخل مبكر و خطط لتعديل السلوك. وبما يساعد على تغيير عادات الطفل الغير صحيحة، وإقناع الطفل برفض تلك السلوكيات السلبية، وتغييرها من تلقاء نفسه. ويكون ذلك من خلال مجموعة إجراءات يشترك فيها الوالدين، وهو ما يقوم به المختصين عند إعادة تأهيل الأطفال.

الإعاقات الحركية عند الأطفال

تعتبر الإعاقات الحركية عند الأطفال من بين الأمراض التي يتم متابعتها عن طريق برامج إعادة تأهيل الأطفال. ويرجع السبب في حدوث تلك الإعاقات لأسباب وراثية أو خلقية أو مكتسبة. ومن الممكن أن تحدث تلك الإعاقات للجنين، أو يصاب بها في مراحل عمرية متقدمة.

يقوم الخبراء المتخصصين إلى أن الإعاقة الحركية تتمثل في عيوب جسمانية، وترتبط بالعضلات والعظام والمفاصل. ومن ثم يصبح الطفل لديه موانع من أداء الحركة بصورة طبيعية.

ويتطلب التعامل مع تلك الحالات خطة منظمة، ويستخدم في ذلك الأدوية العلاجية والأجهزة التعويضية والتأهيل النفسي والسلوكي.

تشوه المفاصل الولادي

  • يعتبر تشوه المفاصل الولادي من بين الأمراض الغير شائعة التي تصيب الأطفال. حيث أن المفاصل هي التي تربط بين العظام ويحيط بها الغضاريف وتتضمن أيضًا الأوتار. ويصاب الأطفال بذلك المرض في مراحلهم العمرية المبكرة، ويتسبب ذلك في حدوث تشوهات في الأطراف، ومشاكل في الحركة.
  • تهتم برامج تأهيل الأطفال بمعالجة تشوه المفاصل الولادي، حيث تشير الدراسات الأمريكية إلى أن تلك الحالة تصيب طفل من بين كل ألفان وخمسمائة طفل. ويتساوى في ذلك الذكور والإناث على السواء، ويعزى سبب الإصابة إلى مشاكل عصبية بنسبة 90%. في حين يكون السبب بنسبة 10% نتيجة لاضطرابات العضلات المحيطة بالمفاصل. وفي الغالب تتأثر الأطراف السفلية، وفي حالات أقل الأطراف العلوية.
  • من السهل التعايش مع تصلب المفاصل الولادي في حالة اللجوء إلى إعادة تأهيل الأطفال، وتقديم الدعم من المحيطين.

السكتة الدماغية عند الأطفال

  • تحدث الإصابة بالسكتة الدماغية بصورة مفاجئة، ويعتقد البعض أن ذلك المرض يصيب فئة كبار السن. وذلك على غير الحقيقة، حيث يمكن أن يصيب الأطفال على الرغم من ندرة ذلك.
  • كما و يمكن ان تحدث السكتة الدماغية (الجلطة الدماغية) نتيجة حدوث خلل في نقل الدم إلى المراكز المختلفة بمنطقة الدماغ. ومن ثم يتوقف إمداد الأنسجة والخلايا التي تغذي المخ بالدم النقي والأكسجين، وذلك هو المصدر الأساسي للغذاء، فعندئذ يحدث تلف في الخلايا، وفي حالة عدم المسارعة بإسعاف الطفل فإن ذلك قد يؤدي إلى الموت لا قدر الله أو الإصابة بأضرار كبيرة.
  • تحدث إصابة الأطفال بالسكتة الدماغية نتيجة التشوهات الخلقية وحدوث انسداد بالشرايين.

ومن أبرز الأعراض التي تحدث بعد الإصابة بالسكتة الدماغية عند الأطفال: الصداع والدوار وفقدان التوازن وتلعثم الكلام ومشاكل في المشي والرؤية وخدر في الجسم بالأطراف والقدمين والوجه.

يمكن لبرامج إعادة تأهيل الأطفال أن تساعد في التخلص من الآثار السلبية التي تتركها السكتة الدماغية. ويكون ذلك عن طريق الأدوية وجلسات العلاج الطبيعي والعلاج السلوكي.