انتفاخ الرئة المتقدم

انتفاخ الرئة من الأمراض المُزمنة التي تُصيب الرئة لعدَّة أسباب لعلَّ أهمَّها التَّدخين، حيث يُؤدِّي انتفاخ الرئة إلى صُعوبة التَّنفُّس وإخراج عملية الزَّفير، وخصوصًا عند مُمارسة الأنشطة اليوميَّة، لما يُسبِّبه من تلف للجيوب الهوائيَّة والممرَّات الصَّغيرة، ولا يُعتبر المرض وليد اللحظة، حيث إن المُصاب يمرُّ بأعراض طويلة الأمد، وبشكل تدريجي. وتُشير الدِّراسات والأبحاث إلى أنَّ حالات الوفاة التي تحدُث في الولايات المتحدة تكون بسبب انتفاخ الرئة بنسبة واحد لكل عشرين حالة، ويُصنّف المرض عالميًّا في المرتبة السادسة لأسباب الوفاة.

ما المقصود بانتفاخ الرئة؟

انتفاخ الرئة عبارة عن تجويف وتدمير للحُويصلات الهوائيَّة في الرئتين. ويُسمَّى طبيًّا الأسناخ، وهي المكان الذي يتم من خلاله تبادُل الأكسجين مع ثاني أكسيد الكربون في الدم، وتحتوي الأسناخ على جدران رقيقة تتعرَّض للضرر بشكل سريع، ولا يُمكن إصلاحها، مما يؤدي إلى إحداث ثُقب في أنسجة الرئة، وبالتالي الإصابة بانتفاخ الرئة، وضعف نشاطها، وعدم قُدرتها على أداء مهامها بمرونة فتصعُب القُدرة على الانبساط والانقباض بشكلٍ سليم، مما يُسبِّب ضيقًا في التَّنفُّس، إذ إن عملية الزَّفير لا تتم بشكلٍ سليم بسبب تلف الحُويصلات الهوائية التي تُسبِّب حبس الهواء القديم، وعدم القُدرة على دخول هواء نقي بالأكسجين.

ومُعظم المُصابين بانتفاخ الرئة يُعانون من الإصابة بالتهاب الشُّعَب الهوائيَّة المُزمن، ممَّا يُؤدِّي إلى حدوث التهاب في الأنابيب التي تُوصِّل الهواء إلى الرئتين، مما يزيد من أعراض السُّعال المستمر. والجدير بالذكر أن الإصابة بانتفاخ الرئة والتهاب أنابيب الشُّعب الهوائيَّة معًا، يُؤدِّي إلى الإصابة بالانسداد الرئوي المُزمن.

الأسباب

  • السبب الرئيسي للإصابة بالانتفاخ الرئوي هو تدخين التبغ أو الماريجوانا، حيث يُؤدِّي التلوث الناتج عن التدخين إلى شلل في حركة الأهداب نتيجةً للمواد الكيميائية التي تُطلقها، وتلك الأهداب وظيفتها تنظيف الرئة من أي مُلوِّثات تتعرَّض لها، فتتراكم تلك المُلوِّثات وتُحدِث التهابًا في الجيوب الهوائية.
  • وبالإضافة إلى التدخين بمُختلف أنواعه فإن هناك أشخاصًا هم أكثر عُرضةً للإصابة بالانتفاخ الرئوي، مثل الأشخاص الذين يتعرَّضون للتدخين السلبي (التدخين البيئي) فعند استنشاق الدخان الناتج عن المُدخِّن يزيد من مخاطر انتفاخ الرئة.
  •  كما أنَّ التَّعرُّض للهواء المُلوَّث، مثل الأدخنة الناتجة عن المصانع الكيميائية، ومصانع مُنتجات القطن والخشب ومنتجات التعدين تُعدُّ من مسببات الانتفاخ الرئوي، بالإضافة إلى التَّعرُّض للهواء المُلوَّث الناتج عن عوادم السيارات أو وقود المدافئ.
  • وفقًا للدِّراسات والأبحاث من قِبَل عُلماء الطّب، فإن الوراثة تلعب دورًا في احتمالية الإصابة بالانتفاخ الرئوي، وذلك بسبب نقص بروتين ألفا-1 أنتي تريسبين، وهو نوع من الزلاليات الحافظة، ويُبطئ البروتياز الذي يُفكِّك الزلال، ويعمل على حماية الرئة ويُحافظ على مُرونتها.

أسباب انتفاخ الرئة عند الأطفال

على الرغم من أن انتفاخ الرئة عند الأطفال لا يُعتبر شائعًا، فإنه قد يحدث لأسبابٍ مُتعدِّدة، مثل:

  • قد يُصاب الطفل بانتفاخ الرئة بسبب نقص بروتين ألفا-1 أنتي تريبسين.
  • إصابة الطفل بأمراض في الجهاز التنفسي، مثل الربو، أو التهاب الرئة، أو العدوى الفيروسية، وجميع تلك الحالات تُؤدِّي إلى الانتفاخ الرئوي.
  • وجود الطفل في بيئة مُلوِّثة، مثل التدخين السلبي، أو الأدخنة الناتجة عن عوادم السيارات وأجهزة التدفئة، حيث يُؤدِّي استنشاق الهواء المُلوَّث إلى الإصابة بالانتفاخ.

أعراض انتفاخ الرئة

بعض المُصابين قد لا تظهر عليهم أعراض النفاخ الرئوي لسنوات، وذلك لتشابُه الأعراض بأعراض مُماثلة لأمراض رئة أخرى، ولكن بعد مرور الوقت تظهر تلك الأعراض وتُشكِّل خطورة على المُصاب، وتظهر أعراض انتفاخ الرئة على النحو التالي:

  • ضيق بالتنفس.
  • الشعور بالاكتئاب.
  • ·       الإرهاق.
  • فقدان الوزن.
  • سُرعة في نبضات القلب.
  • تلوُّن الشِّفاه أو الأظافر إلى اللون الأزرق الرمادي، خاصَّة بعد بذل مجهود.
  • خلل في الشعور باليقظة الذهنية.

كما تظهر أعراض انتفاخ الرئة عند الأطفال من خلال مُلاحظة ضيق التنفس الذي يزداد مع مرور الوقت، والسُّعال الذي يُصاحبه صوت صفير في الصدر، بالإضافة إلى شعوره بآلام في منطقة الصدر، والتَّعب والإرهاق، وعدم قُدرة الطفل على النوم جيّدًا.

المضاعفات

  • هل مرض انتفاخ الرئة خطير؟ الإجابة: نعم، في حال حدوث مُضاعفات، إذ تُؤدِّي مخاطر انتفاخ الرئة إلى الإصابة بأمراض مُزمنة مثل أمراض القلب، حيث يزيد الانتفاخ من الضغط على الشرايين المتصلبة بالرئتين إلى إضعاف القلب وتمدُّده بما يُعرف بمرض القلب الرئوي.
  • ومن مُضاعفات الانتفاخ أيضًا الإصابة بفراغات في الرئتين تُعرف باسم الفقاعات، وتلك الفقاعات عادةً ما تكون بحجم نصف الرئة، فتُؤدِّي إلى تقليل المساحة التي تُساعد في تمدُّد الرئة، وقد تُسبِّب الإصابة باسترواح الصدر، مما يُسبب انتفاخ الرئة المتقدم التي تؤثر بشكل كبير على حياة المُصاب، إلا أنها لا تُعَدُّ شائعة.

تشخيص انتفاخ الرئة

يبدأ الطبيب المُختص بسؤال المُصاب بعض الأسئلة المتعلقة بتاريخه الطبي والوراثي، ويسأله إذا كان مُدخّنًا أو يتعرَّض لهواء مُلوَّث، ثم يقوم بعد ذلك بفحصه سريريًّا، ويطلب من المُصاب عمل الفحوصات والاختبارات التالية:

اختبارات التصوير

يطلب الطبيب المُختص عمل اختبارات التصوير بالأشعَّة السينية للصدر لتشخيص حالة انتفاخ الرئة المتقدم ولاستبعاد أي أسباب لأمراض أخرى لنفس أعراض ضيق التنفس. ويتم عمل اختبار التصوير بالأشعَّة المقطعية، لاستعراض البنى الداخلية للصدر، ولتشخيص الحالة إذا كانت تستدعي عمل جراحة في الرئة أم لا.

اختبارات الدم

يتمُّ عمل تحليل للدم الذي يتم سحبه من الشريان. ليتم التأكد من عمل الرئتين في نقل الأكسجين إلى الدم وإخراج ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى قياس التأكسُج النبضي لتحديد كمية الأكسجين في الدم، بالإضافة إلى اختبارات غاز الدم الشرياني التي تُساعد في قياس كمِّية ثاني أكسيد الكربون في الدم.

اختبارات الرئة

يُستخدَمُ جهاز مقياس التنفُّس، حيث يقوم المُصاب بالنَّفخ في الجهاز، وذلك لتحديد كيفية عمل الرئتين وقُدرتها على إدخال الهواء وإخراجه، ومدى قُدرتها على إيصال الأكسجين إلى الدم.

تخطيط القلب

يقوم الطبيب المُختص بعمل تخطيط للقلب بواسطة جهاز تخطيط القلب الكهربائي، للتأكد من وظائف القلب إذا كانت تعمل بشكلٍ سليمٍ، والتأكد من خُلوِّ المُصاب من أمراض القلب المُمكنة.

علاج انتفاخ الرئة

للأسف انتفاخ الرئة وعلاجه لا يُصلح ما أفسده المرض، إلا أن العلاج يُساعد في الحد من تطوُّر المرض والتقليل من أعراضه ومُضاعفاته، وفيما يلي خطة علاج انتفاخ الرئة كما يقوم بها الأطبَّاء المُختصون:

العلاج بالأدوية

يعتمد الطبيب المُختص في اختيار وصفة الدواء للمُصاب بحسب شدَّة الإصابة ومدى خُطورتها. حيث يصف أدوية مُوسِّعة للشُّعَب الهوائية. للتخفيف من حدَّة السُّعال وضيق التنفس الذي يُعاني منه المُصاب. حيث تعمل تلك الأدوية على ارتخاء المسالك الهوائيَّة.

قد يصف الطبيب أيضًا أدوية الستيرويدات المُستنشقة، مثل الكورتيكوستيرويدات. وهي على شكل رذاذ يُساعد على الحدِّ من الالتهاب وتخفيف أعراض ضيق التنفس. كما يصف الطبيب أدوية مضادات حيوية، إذا كان المُصاب يُعاني من التهاب في الشُّعَب الهوائية الناتج عن العدوى البكتيرية أو التهاب الرئة الحاد.

العلاج بالأكسجين

الأشخاص المُصابون بانتفاخ الرئة المتقدم. يحتاجون إلى العلاج باستخدام أكسجين إضافي من خلال أنبوب ضيق يتم إدخاله في فتحتي الأنف، وذلك للمُساعدة في عملية التنفس بشكل جيِّد، وقد يحتاج إليها المُصاب على مدار 24 ساعة يوميًّا.

العلاج بالتغذية

من أعراض الانتفاخ الرئوي لدى المُصاب فقدان الوزن. لذا يطلب الطبيب المُختص من المُصاب اتِّباع نظام غذائي مُعيَّن يُساعد على الحد من أعراض المرض وتحسين الصحة العامة واكتساب الوزن. مثل تناول الأطعمة الغنية بفيتامين A،C،E، والتي تُوجد بالخضراوات والفواكه.

الأعشاب

ينصح الأطباء بتناول أعشاب لانتفاخ الرئة تُعزِّز من كفاءة عمل الرئتين. وتُساعد في التقليل من الأعراض الناتجة عن الإصابة بالنفاخ، مثل:

عشبة البوصير

عُشبة البوصير التي تُساعد في الوقاية من الإنفلونزا والتهاب الشُّعَب الهوائية. ومادة الصابونين الموجودة في البوصير تُساعد في تهدئة التشنُّجات التي تحدث للشُّعَب الهوائية.

العرقسوس

تعمل عُشبة العرقسوس في التخفيف من التهاب الأغشية المُخاطية والتشنُّجات التي تُسبِّب السُّعال، كما أنها من مضادات الميكروبات.

الروزماري

تُعتبر عُشبة الروزماري من مضادات الميكروبات لاحتوائها على زيوت مضادة للفطريات والجراثيم. وتُعتبر من العلاجات الفعَّالة في الحد من أعراض نزلات البرد والإنفلونزا والسُّعال والتهابات الصدر والشُّعَب الهوائيَّة.

عشبة الدردار الزلق

تُعَدُّ عُشبة الدردار الزلق من الأعشاب الممتازة للحدِّ من أعراض الأمراض التنفسية. حيث تُساعد في تهدئة الجهاز التنفسي لما يحتويه من خواص مُطهِّرة ومضادة للحساسية.

زيت عشبة الكافور

وتُسمَّى أيضًا شجرة الكينا. حيث إن الزيت المُستخلص من أوراق الشجرة يحتوي على السينول، وهو عديم اللون. وتتم إذابته في الماء، ليُساعد على علاج كثير من أمراض الجهاز التنفسي من أهمِّها التهاب الشُّعَب الهوائيَّة والتهاب الجيوب الأنفيَّة، وتقوي الجهاز المناعي، كما أنها تُخفِّف من حدَّة السُّعال المُتكرِّر.

العلاج بالجراحة

قد يلجأ الطبيب إلى إجراء عملية جراحية وفقًا لحالة المُصاب ومدى مخاطر انتفاخ الرئة لديه. مثل عملية بواسطة المنظار لتوسيع الشُّعَب الهوائيَّة، حتى تتمكَّن الرئة من أداء وظيفتها في الانقباض.

وقد يحتاج الطبيب المُختص إلى إجراء عملية تقليل حجم الرئة، حيث يقوم الجراح بإزالة جُزء من أنسجة الرِّئة التالفة. لتحسين كفاءة باقي الأنسجة. وقد يحتاج الطبيب إلى إجراء عملية زرع الرئة في بعض حالات انتفاخ الرئة المُتقدِّم التي تسبَّبت بإتلاف الرئة بالكامل، ولم تُجدِ العلاجات السَّابقة نفعًا للمُصاب. حيث يقوم الجرَّاح باستئصال الرئة التالفة كُليًّا وزرع رئة جديدة.

التعايش مع المرض

يستطيع المُصاب التَّعايُش مع انتفاخ الرئة بتغيير نمط حياته واتِّباع أساليب تحدُّ من تطوُّر المرض أو حدوث مُضاعفات، مثل:

  • الإقلاع فورًا عن التَّدخين، والذي بسببه أصيبت الرئة بالتضخُّم.
  • الابتعاد عن العوامل المُسبِّبة للتهيُّج التنفُّسي. مثل التدخين السلبي، والأدخنة والغازات المُنبعثة من عوادم السيارات والطلاء والأبخرة والشموع، والتعرُّض لهواء المُكيِّفات والأفران المُباشر. واستخدام بعض العطور التي تُسبِّب حساسية الصدر.
  • تجنُّب التعرُّض لتيَّار هواء بارد في الأجواء الباردة، من خلال ارتداء وشاح أو قناع لعدم وصول الهواء البارد إلى الرئتين.
  • أخذ التطعيمات المُوصى بها من قِبَل منظمة الصحَّة العالميَّة. لتجنُّب التعرُّض للعدوى الفيروسيَّة، أو الموسميَّة، مثل تطعيم الإنفلونزا، والتطعيمات الخاصَّة بالالتهاب الرئوي.
  • مُمارسة التمارين الرياضية الخفيفة التي تزيد من كفاءة الرئتين، مثل تمارين التنفس، وتمارين اليوجا.
  • الابتعاد عن الأشخاص المُصابين بالعدوى الفيروسية، أو البكتيريَّة، مثل الزُّكام، والأنفلونزا، وغسل اليدين جيِّدًا عند تلامُس أحدهم، واستخدام الكحول للتَّعقيم.

الوقاية من انتفاخ الرئة

تكمُن الوقاية من انتفاخ الرئة من خلال الابتعاد وتجنُّب كل المُسبِّبات التي تُؤدِّي إلى الإصابة بها. ولعلَّ أهمَّها الابتعاد عن التدخين بكل أنواعه، والتدخين السلبي، وتجنُّب التَّعرُّض للهواء الضار المُلوَّث بالغبار والمواد الكيميائية. وحماية الرئتين من الأمراض من خلال ارتداء الأقنعة الواقية الخاصَّة بذلك.