إعادة التأهيل العصبي

إن عملية التأهيل العصبي في تطور دائم من قبل الباحثين والأطباء المتخصصين منذ العقدين الماضيين، حيث تم ظهور اكتشافات عديدة متعلقة بمقدرة المخ على تجديد خلاياه، مما ساهم بشكل كبير في إيجاد طرق لعلاج العديد من الأمراض العصبية التي كان يصعب علاجها سابقاً.

كانت المشكلات العصبية المزمنة والحادة مقتصرة بشكل واضح على طرق العلاج الغير شخصية والغير منضبطة، حيث أن الكثير من الإصابات مثل إصابة الدماغ، التصلب المتعدد، وإصابات الحبل الشوكي علاجها كان محدودًا ونادرًا جدًا، وقد اجتمعت العلوم السريرية بتخصصاتها المتعددة لمعرفة العلاقة بين المخ أو الدماغ وعمل باقي أجزاء الجسم المرتبطة بالجهاز العصبي المركزي.

بطبيعة الحال، كانت النسبة من إعادة التأهيل الجزئي أو الكامل ضعيفة جدًا، وقد كانت أساليب العلاج مرتبطة بشكل كبير بحدوث انهيار للجهاز العصبي المحيطي حتى مع الشلل والسكتات الدماغية الخفيفة، وذلك بسبب فشل تنسيق الحبل الشوكي والمخ.

ما هو إعادة التأهيل العصبي – وما الأسباب الدافعة لإجرائه؟

يعتبر إعادة التأهيل العصبي نوع خاص من المعالجة اللاحقة أو إعادة التأهيل العامة، حيث أن إعادة التأهيل الطبي تعد معالجة شاملة ومنسقة بهدف التغلب على التبعات المرضية للحالات، وهي معنية بشكل خاص بعلاج المرضى الذين يعانون من أمراض واضطرابات في الجهاز العصبي المركزي والمحيطي.

كما تساعد تقنيات التأهيل العصبي المصابون بالأمراض العصبية في الحفاظ على عدم فقدان قدراتهم الإدراكية والحركية أو التواصل والعناية بالجسد بشكل مفاجئ أو بطيء، حيث أن هذه القدرات مهمة جدًا في المشاركة الذاتية والحفاظ على جودة حياة المريض.

الأسباب الدافعة لإجراء إعادة التأهيل العصبي:

  •  الإصابة برضوض في الدماغ.
  • عند الإصابة بنزيف في الدماغ بسبب تمزق في الأوعية الدموية.
  • في حالة الإصابة بنزيف في الأوعية الدماغية بسبب ارتفاع في ضغط الدم أو تشوهات في الأوعية الدموية.
  • عند الإصابة بأورام خبيثة وحميدة في الحبل الشوكي والدماغ والأعصاب الطرفية مثل الورم الأرومي الدبقي، الورم النجمي، الورم السحائي، الورم الأرومي النخاعي، الورم البطاني العصبي.
  • تلف الدماغ بسبب مشاكل في الدورة الدموية أو نقص في الأوكسجين.
  • الإصابة بأمراض العمود الفقري مثل متلازمة الحبل الشوكي المستعرضة، والأعصاب الطرفية والجذور العصبية، بالإضافة إلى الانزلاق الغضروفي و التضييق الشوكي والنزيف.
  • حدوث تشوهات في الحبل الشوكي والدماغ مثل الورم النخاعي واستسقاء الرأس والقبلة السحائية.
  • علاج حالات بعد عمليات جراحة الأعصاب وأورام الدماغ وإصابات الحبل الشوكي.
  • الشيخوخة الطبيعية.
  • عند الإصابة بمشكلات التنكس العصبي مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون والتصلب المتعدد.
  • عند الإصابة بالشلل الرعاش.
  • في حالة الإصابة بشلل في الوجه.
  • عقابيل شلل الأطفال.
  • التصلب اللويحي المتعدد.

مراحل إعادة التأهيل العصبي

مراحل التأهل العصبي

  1. معالجة مستعجلة للمريض في المستشفى

  2. إعادة التأهيل المبكر للمرضى طريحو الفراش ومضطربة الوعي مع حصولهم على رعاية طبية مكثفة.

  3. إعادة التأهيل الاستكمالية – حيث يتحرك المريض ويشارك بوعيه الكامل في وحدات علاجية عديدة، ويتطلب هذا جهدًا كبيرًا في التمريض، إذ تتم رعاية ومعالجة المريض بهدف الشفاء

  4. رعاية لاحقة – حيث يكون الهدف منها إعادة تأهيل تتعلق بالعمل والوظيفة.

  5. التأهيل بعمل التمريض التنشيط على المدى البعيد، وذلك للمرضى الذين يعانون من اضطرابات وظيفية.

  6. الإقامة في دار رعاية خاصة أو مع مرافقة.

مميزات وأهداف إعادة التأهيل العصبي

  • القدرة على إعادة تنظيم عمل الجهاز العصبي والتكيف بما يلائم وظائفه.
  • تفعيل الطرق العلاجية، وتحسين قدرة الدماغ والجهاز العصبي على التعويض.
  • تحسين جودة الحياة والاستقلالية لدى المريض لكي يتمكن من استرجاع قدراته بعد الإصابة.
  • التأهيل والإصلاح السلوكي للمريض.
  • تهيئة الدماغ للوضع الأمثل من خلال استهداف المنطقة المصابة.
  • يتضمن برنامج إعادة التأهيل العصبي عمل اختصاصات عديدة مع بعضها البعض.

قد تختلف في بعض الأحيان الظروف والأعراض في علاج الاضطرابات والاختلالات العصبية اعتمادًا على الحالة الصحية للمريض، على سبيل المثال حيث تختلف تأثيرات المصابين بمرض التصلب المتعدد بوساطة مناعية (MS) من النساء عن الرجال، حيث تعاني النساء بشكل متكرر من:

  • اضطراب شديد في الهرمونات.
  • مشاكل في المثانة والأمعاء.
  • الإصابة بالدوار وفقدان الإحساس.
  • مشاكل في الرؤية والأعصاب البصرية.
  • مشكلات في الجهاز الهضمي.
  • حدوث مشكلات في الصحة الجنسية.
  • التصلب والتشنجات وضعف العضلات.
  • صعوبة في الحركة والمشي.

ما قبل عملية إعادة التأهيل العصبي

يقوم الطبيب الاستشاري مع فريق من التمريض بعمل فحص وتقييم شامل للمريض قبل إعداده لبرنامج إعادة التأهيل العصبي، حيث يقوم الطبيب المختص بتحويل المريض لأخصائي العلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي ومشاكل النطق واللغة وذلك من أجل الحصول على تقييم شامل و مفصل للحالة.

يتم عمل مراجعة لنتائج التقييم لمعرفة ما إذا كان هناك لعمل مزيد من الفحوصات ووضع خطة مناسبة لعلاج المريض، التي تكون معدة ومجهزة خصيصًا لتلبي احتياجاته، ثم يقوم بعد ذلك الفريق المختص بمناقشة خطة العلاج وتقنياته مع المريض وأفراد عائلته.

العلاج في إعادة التأهيل العصبي

بعد وضع الخطة المناسبة للعلاج الخاصة، يبدأ الأخصائي في العلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي وعلاج مشكلات النطق واللغة مع المرضى بطريقة دقيقة ومنتظمة، وذلك من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من العلاج، كما يتم مراقبة مستوى تقدم الحالة ومشاركة كافة التفاصيل مع المريض وعائلته من خلال عمل عدة لقاءات منتظمة.

تنتهي عملية إعادة التأهيل العصبي، عندما يتم التأكد من تحقيق كافة الأهداف المرجوة، أو في حالة ملاحظة عدم التقدم في حالة المريض بعد إجراء كافة التدخلات المناسبة.

الأخصائيون في عملية إعادة التأهيل العصبي

يشمل مصطلح إعادة التأهيل العصبي العديد من العلاجات العصبية، حيث يتم استخدام تمارين لتشخيص وتصحيح الاضطرابات والاختلالات العصبية، والتي تتضمن مجموعة الاختصاصات والمهن الطبية مثل:

  • جراح أو طبيب أعصاب: أخصائي أو استشاري يقوم بدراسة ومتابعة حالة الجهاز العصبي المركزي للمريض.
  • طبيب في جراحة العظام: يعمل على علاج الأنسجة والمفاصل والعظام المرتبطة بوظائف حركية معينة، والتي قد تتضرر نتيجة مرض عصبي.
  • الطبيب الفيزيائي: وتكون مهمته إعادة التأهيل بسبب مشكلات ناتجة عن الاضطرابات العصبية.
  • طبيب باطنى: تكون مهمته التعافي بالأدوية وعلاج الأعضاء.
  • أخصائي إعادة التأهيل: حيث تشرف هذه الوظيفة على تأثير الأطباء والجراحين لحالة المريض، كما تساعده في تحسين جودة الحياة.
  • أخصائي العلاج الطبيعي: وتكون مهمته في إحياء وعلاج الوظائف الحركية في أجزاء ضعيفة من الجسم مثل إعادة التأهيل من مرض التصلب العصبي المتعدد والسكتة الدماغية، حيث تضمن ممارسة العلاج الطبيعي التعافي الصحي والشفاء التام.
  • معالج اللغة والنطق: يقوم باستخدام التمارين الشفوية لإعادة التأهيل وتحسين الكلام عند المرضى الذين يعانون من فقدان القدرة على الكلام.
  • اخصائي اجتماعي: يعمل على إعادة تأهيل المريض وتهيئته على الاستقرار في بيئته الاجتماعية.
  • طبيب نفساني: يقوم بمعالجة ودراسات الآثار النفسية لإصابات الحبل الشوكي والدماغ، وتحليل سلوك المريض.
  • معالج ترفيهي: يتمثل دوره في مساعدة المريض على استعادة ثقته في نفسه والحياة والتعامل مع الناس في بيئات اجتماعية مختلفة.
  • مدير الحالة: ومن مهامه مراقبة تقدم الحالة الصحية للمريض وإدارة العلاج الشامل.
  • اختصاصي السمع: يقوم بمعالجة أي مشكلة سمعية تنجم نتيجة اضطرابات في الجهاز العصبي اللاإرادي.
  • مستشار مهني: تتعلق مهمته بمساعدة المريض على اتخاذ القرارات المتعلقة بتطوير مهاراتهم وحياتهم المهنية.

أنواع عمليات إعادة التأهيل العصبي

العلاج الحركي (CIMT)

تستخدم هذه الطريقة في العلاج بشكل أساسي في حالات الشلل الجزئي للأطراف العلوية، حيث يكون المريض غير قادر على الحركة نتيجة إصابته بالشلل أو أمراض التصلب المتعدد أو السكتة الدماغية، ويكون الهدف من العلاج بهذه الطريقة هو استرجاع حركة الأطراف المصابة نتيجة الشلل الجزئي.

يرتدي المريض المصاب بالسكتة الدماغية قفازًا مثبت في اليد السليمة، ويأمر الدماغ بتوجيه الأوامر الوظيفية لليد المصابة بالشلل، حيث تساعد الحركات الكثيرة في استرجاع المسار العصبي، تستغرق هذه الجلسات غالبًا من 3 – 6 ساعات وتكون مدتها أسبوعين، يشعر المريض بعدها بالراحة نتيجة الحركة الملحوظة في الطرف المصاب.

التدريب على جهاز المشي المدعوم بالوزن

يفيد هذا العلاج المدعوم بالوزن في تحسين أداء الجسم بشكل عام، ومعالجة نقاط الضعف الناجمة عن نمط الحياة الغير مستقر، كما يتضمن جهاز المشي على مستويات عديدة للسرعة لتدريب الخلايا العصبية في النصف السفلي من جسم المريض، ويكون هناك فني معالج لمساعدة الساقين، كما يقوم فني آخر بالحفاظ على استقامة ظهر المريض من خلال دعم منطقة البطن والجذع.

علاج النطق (CILT)

يقترن علاج النطق الناجم عن القيود (CILT) في كثير من الأحيان بالعلاج الحركي الناجم عن القيود (CIMT)، حيث يسبب العلاج الحركي تحسينات في حالات الشلل المزمنة، لذلك يساعد التحفيز الصوتي في تحسين قدرة المريض على الكلام.