تُعَرَّف الشذوذات الولادية Congenital abnormalities أو التشوهات الخلقية على أنها اضطرابات تحدث للجنين خلال فترة الحمل، وعلى وجه الخُصوص الأشهُر الثلاثة الأُولى، وقد تُؤثِّر تلك الشذوذات الولادية على الشكل أو في الوظائف التي يُؤدِّيها بعض أعضاء الجسم، ويحدث ذلك نتيجة لمجموعة مُختلفة من العوامل؛ منها ما هو وراثي، أو بيئي، أو عدوى فيروسية، أو عوامل ترتبط بالعادات الصِّحيَّة السيِّئة.
أُجرِيَ كثير من الدِّراسات حول الشذوذات الولادية Congenital abnormalities، وفيما يلي مجموعة من الإحصائيات المُوثَّقة:
يُعزى حدوث الشذوذات الولادية أو العيوب الخلقية إلى مجموعة مُتنوِّعة من الأسباب، ويتمثَّل ذلك في ما يلي:
تُوجد مجموعة من الأمراض التي تحدث نتيجة عدوى فيروسية، وتُؤثِّر على الأجنَّة بالسَّلب، ومن بين ذلك:
هناك احتمالية لإصابة الجنين بشذوذات ولادية؛ نتيجة لبعض الأمراض الاعتلالية، ومن أشهرها داء السكري الذي يُمكن أن يتسبَّب في حدوث الإجهاض، بالإضافة لإمكانية حدوث عيوب خلقية للجنين تُؤثِّر على القلب أو العمود الفقري أو الدماغ، كما يُوجد احتمال لأن يُولد الجنين مُبتسرًا بمعنى غير مُتكامل النمو، بالإضافة للمُضاعفات التي يُمكن أن تلحق بالأم ذاتها، لذلك فإنه من المهم ضبط نسبة السكر في الدم خلال فترة الحمل.
في حالة سوء النظام الغذائي للحوامل، وعدم تناولهن وجبات تتضمَّن حمض الفوليك، فإن ذلك قد يُؤدِّي إلى حدوث التشوهات الخلقية أو الشذوذات الولادية، وحمض الفوليك له أهمية كبيرة في تكوُّن كُرات الدم الحمراء، ومنها إحداث النمو بشكل صحيح، وذلك يقلل من مخاطر إصابة الطفل بعيوب خلقية في العمود الفقري والدماغ والقلب، ومن المفضل تناول حمض الفوليك للحوامل بنسبة تتراوح بين 400-800 ميكروجرام بشكل يومي.
يرجع بعض العيوب الخلقية أو الشذوذات الولادية إلى الإفراط في تناول الحوامل المشروبات الروحية التي تحتوي على الكحول، ولقد أجرِيَ كثير من الدِّراسات العلمية التي تتضمَّن نتائج توضح وجود ترابُط بين تناول الكحول من جانب الوالدين وعديد من الاضطرابات والتشوُّهات لدى المولودين، وفي بعض الدِّراسات تبيَّن أن تناول الأمهات المشروبات الكحولية يُمكن أن يُؤدِّي إلى ولادة أطفال لديهم ضمور في المخيخ، وبُطء في النمو، وتشوُّهات الوجه، وعيوب في أعضاء أخرى مُختلفة في الجسم.
يؤدي تعاطي المخدرات من جانب الحوامل إلى حدوث كثير من حالات العيوب الخلقية عند الأطفال، ومن أكثر أنواع المخدرات خطورة كل من الكوكايين، والهيروين، والحشيش، والموروفين، والتأثير يطال الأم أوَّلًا، وبالنسبة للمولود فإن هناك فرصة كبيرة للإصابة بكثير من الشذوذات الوالدية، مثل: العيوب الخلقية في القلب، وعيوب النمو، وتشوُّهات في العضلات والعظام، ومشاكل عقلية.
في حالة تناول الحوامل بعض أنواع من الأدوية ولفترات زمنية طويلة؛ فإن ذلك يُمكن أن يُؤدِّي إلى حدوث الشذوذات الولادية، مثل عيوب الكُليتين أو الجهاز العصبي أو القلب، ومن بين هذه الأدوية المحظور تناولها على الحوامل: مضادات الاكتئاب، ومثبطات إنزيم ACE inhibitors، وIsotretinoin، Warfarin، وبالطبع يُوجد كثير من البدائل التي يُمكن أن يحددها الأطباء، وعلى حسب حالة الأم.
يؤدي التدخين إلى حدوث شذوذات ولادية ومسوخ لدى الأجنَّة، ولقد أشارت إحدى الدِّراسات إلى أن 10% من حالة العيوب الخلقية لدى المواليد تنتج من تدخين أحد الوالدين؛ حيث إن مادة النيكوتين تحفز من حدوث الطفرات للحمض النووي داخل الخلايا، وأشارت دراسة أخرى لوجود علاقة بين تدخين الآباء والأمهات، وإصابة المواليد بأنواع متعددة من السرطانات، سواء في الغُدد الليمفاوية أو المخ أو الدم.
تتعدَّد أنواع المواد الكيميائية الضارَّة التي يُمكن أن يتسبب تناول الحوامل لها في حُدوث شذوذات ولادية، ويُمكن أن تنتقل تلك المواد الضارَّة عن طريق الاستنشاق أو الطعام أو الجلد، ومن أمثلة هذه المواد: الكارياميت، والمبيدات الفسوفوروعضوية، ومركبات الزئبق والرصاص والزرنيخ، ومادة DEET.
تختلف أنواع الإشعاعات، ومنها ما هو قاتل مثل الإشعاعات الذرية، والآخر يؤثر بشكل سلبي على الخلايا الحية حسب نسبته، وفي حالة تعرُّض الجنين لدرجات خطيرة من الإشعاعات فإن ذلك يُؤدِّي لشذوذات ولادية؛ مثل: صغر الجُمجمة، وقصر في الأطراف، وخلل في أعداد الأصابع، وتشوُّه في الجهاز الحركي وأورام سرطانية، بالإضافة للتأثير السلبي على الجهاز التناسلي.
من بين أسباب حدوث الشذوذات الولادية اعتلالات الهيموجلوبين، وتُوجد نوعيات مُختلفة من الأمراض التي تؤدي لذلك، ومن بينها:
على الرغم من ضلوع الأطبَّاء في الكشف عن كثير من الأسباب التي يُمكن أن تؤدي للشذوذات الولادية فإن ما يزيد على 60% من الأسباب لا يزال مجهولًا.
تُوجد نوعيات مُختلفة من الشذوذات الولادية أو التشوُّهات الخلقية، وسنستعرض أبرزها فيما يلي:
تُعَدُّ الشفة المشقوقة، أو الشق الوجهي الفموي من بين الشذوذات الولادية الشائعة، ويحدث ذلك نتيجة لعدم التحام الأنسجة في الوجه بشكل تام، ويتم التَّعرُّف على ذلك المرض بعد الولادة مباشرة؛ من خلال الملاحظة الظاهرية، ويؤدي ذلك إلى صعوبات بالغة في البلع والتغذية، والصوت الأخنف، مع وجود احتمال لخروج الطعام والسوائل من الأنف، ومشاكل في الأسنان.
وهو أحد أنواع الشذوذات الولادية التي تحدث عند الأطفال الذكور، حيث تظهر فتحة البول في مكان آخر غير رأس القضيب، وقد يكون ذلك في أحد جوانب جسم القضيب، وبما يُؤدِّي لخروج البول بصورة غير طبيعية، مع ضعف في القذف، والخيار الجراحي هو الأنسب لعلاج ذلك العيب الخلقي.
تظهر الشذوذات الولادية المتعلقة بالقلب بعد الولادة مباشرة، أو في خلال عدَّة شهور من عمر الطفل، ومن أعراضها تورُّم في البطن أو حول العين أو بالساقين، مع تلوُّن الجلد بلون رمادي باهت، بالإضافة للتنفس السريع مع التعرض للدوخة، والإغماء عند مُمارسة الرياضة أو النشاط البدني العنيف.
ومن أشهر العيوب الخلقية في القلب: الثقبة البيضوية Foramen ovale - القناة الشريانية السالكة - رباعية فالو – انعكاس الشرايين - تضيُّق الصمام الرئوي - تضيُّق الأبتر - الصمام الأبهري ثُنائي الشرف - تشوُّه الحاجز البُطيني - الجذع الشرياني - مرض كاواساكي - عيب في القناة الأذنية البُطينية - عيب العود الوريدي الرئوي الشاذ جُزئيًّا - رتق الصمام ثُلاثي الشرف - مُتلازمة القلب الأيسر ناقص التنسُّج - شذوذ عود الدم في الأوردة الرئوية - عيب الحاجز الأذيني - البُطين الأيمن ذو المخرجين - شذوذ إبشتاين - مُتلازمة QT الطويلة - الشذوذ القلبي للصمام التاجي - مُتلازمة وولف باركنسون وايت Wolff - Parkinson - White syndrome - رتق الرِّئة.
تُعَدُّ تشوُّهات الكُلى أحد صنوف الشذوذات الولادية، وتُوجد أنواع مُتعدِّدة لتلك التشوُّهات من بينها الكُلية عديدة الكيسات، وتضيُّق الوصل الحوضي الحالبي، واختفاء إحدى الكُليتين، أو وجود ضمور في إحدى الكُليتين، أو تضاعُف الحالب الكُلِّي أو الجُزئي، أو الكُلية المُهاجرة، أو دوران الكُلية بشكل غير طبيعي، وتختلف طريقة العلاج على حسب حالة الطفل.
تحدث مُتلازمة الجنين الكحولي نتيجة لوجود نسب مرتفعة من الكحول في جسم الأم، وتنتقل للجنين عن طريق المشيمة أثناء فترة الحمل، ويؤدي ذلك لإعاقة وصول المواد الغذائية والأكسجين للجنين، ويحدث ذلك بسبب احتساء بعض الأمهات كميات كبيرة من الكحول أثناء الحمل، وبما يسبب مشاكل ذهنية وعصبية، مع صغر في حجم العينين، وتشوُّهات في الأصابع والأطراف والمفاصل، وقصور في الحركة، وعيوب في القلب، بالإضافة لظهور ندبات في وجه الطفل، وتُعَدُّ تلك المُتلازمة من بين أنواع الشذوذات الولادية.
هي عبارة عن عيوب في الأنبوب العصبي في الدماغ أو العمود الفقري؛ نتيجة لوجود ثُقب ينشأ في القناة العصبية منذ بداية نمو الجنين في الشهر الأول للحمل، ويُعَدُّ ذلك من بين التشوُّهات الخلقية أو الشذوذات الولادية الشائعة، ويتأثر بها ما يُقارب 300 ألف مولود سنويًّا على المستوى العالمي.
وهي عبارة عن اضطرابات تؤدي لفقدان الطفل بالإحساس في الجلد؛ فلا يستطيع أن يشعر بالحرارة أو البرودة أو الضغط، ويكون ذلك نتيجة لحدوث خلل في الجهاز العصبي المُتحكِّم في العضلات اللا إرادية في الجسم.
يُعتبر الشذوذ القحفي الوجهي من بين أنماط العيوب الخلقية، وهو عبارة عن تشوُّهات في عظام الوجه بالجُمجمة، ويُشير بعض التقارير إلى أن 5% من مُواطني الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لديهم تشوُّهات وجهيَّة، ويتطلَّب ذلك إجراءات تقويم للإسنان، وجراحة في الفك.
تُعتبر تشوُّهات الدماغ الخلقية من بين أكثر أنواع الشذوذات الولادية انتشارًا، وتختلف حدَّة التشوُّهات من حالة مرضية لأخرى، ويبدأ دماغ الجنين في التكوُّن خلال الشهر الأول للحمل، ويستمر في تطوُّره لتتكوَّن الصفيحة الخلوية، ويلي ذلك تكوُّن الأنسجة الدماغية بمُختلف تصنيفاتها، وفي حالة وجود أي اضطرابات في تلك العملية؛ فإن ذلك يُؤدِّي لتشوُّهات هيكلية ووظيفية في الدماغ.
يُعَدُّ مرض انعدام القلفة Aposthia من بين الشذوذات الولادية نادرة الحدوث، حيث تكون قلفة القضيب (الذكر) غير موجودة، بمعنى أن الذكور يُولدون مختونين، وتُشير بعض الكتب السماوية إلى ولادة كثير من الأنبياء مختونين، كما أن الدين الإسلامي أوجب ختان الذكور.
تُعَدُّ مُتلازمة داون من أشهر أنواع الشذوذات الولادية، وتنشأ نتيجة حدوث اضطراب صبغي، حيث تتضاعف نسخة الكروموسوم 21، أو أحد الأجزاء فيه، ومن أبرز أعراض مُتلازمة داون الأذنين الصغيرتين، واللسان البارز خارج الفم، والرقبة القصيرة، والوجه المسطح، وقصر القامة، والتوتر العضلي، والمرونة المُفرطة، والجُفون المائلة، والرأس الصغير.
وهي أحد الشذوذات الولادية التي تُصيب الفتيات، وتحدث نتيجة طفرات بشكل جُزئي أو كُلِّي في الكروموسوم X، ويؤدي ذلك إلى سلبيات في عملية النمو، وكذلك تشوُّهات في القلب، وانخفاض في الأذن، وقصر في الطول، مع عيوب في الكُلى، مع فشل التبويض، وكذلك قصر أصابع اليد والقدم، وعرض الصدر، ويُمكن تشخيص المُتلازمة بسهولة بعد الولادة، أو في مرحلة الطفولة المُبكرة، والبعض من الفتيات يتأخَّرن في ظهور الأعراض لحين فترة البلوغ.
تُعتبر مُتلازمة كلاينفلتر من بين حالات الشذوذات الولادية، حيث يُولد الجنين ولديه تضاعف صبغي من الكروموسوم X، ويُصيب ذلك المرض الذكور، وفي الغالب يتم تشخيص المُتلازمة بدقة عند البلوغ، وتُؤثِّر المُتلازمة على هرمونات الذكورة، مع نقص في شعر الجسم، وكذلك نقص في حجم العضلات الطبيعية، مع تضخُّم في الثدي، وكذلك صغر في حجم الخصيتين، مع صعوبات في التعلم.
وهي إحدى حالات الشذوذات الولادية الخلقية؛ حيث يُولد الأطفال دون نهايات القدمين أو اليدين، والسبب في ذلك التشوُّه وجود طفرة في الصبغ الجيني LMBR1، وبما يُؤدِّي لحدوث خلل في النسيج العظمي الغضروفي، وتشير الدِّراسات إلى انتشار ذلك المرض في دولة البرازيل على وجه الخصوص.
وتُعَدُّ مُتلازمة إدوارد Edwards' syndrome من بين تصنيفات الشذوذات الولادية الصبغية، حيث تحدث نتيجة وجود زيادة في الكروموسوم 18، ويُصبح هناك 47 كرموسومًا في خلايا الجسم بدلًا من 46، وبما يُؤدِّي إلى وجود عيوب خلقية في القلب، وعيوب في شكل الأذن، وصغر في حجم الفك السُّفلي والفم، وتعلُّق في الخصيتين بالمنطقة الأربيَّة.
يمتلك الإنسان 23 زوجًا من الكروموسومات، وفي مُتلازمة باتو تُحدث زيادة في الكروموسوم الثالث عشر، وتحدث تلك الحالة لمولود واحد بين 20 ألفًا، ومن بين المُضاعفات التي تُسبِّبها مُتلازمة باتو صغر حجم الرأس والعينين والأذنين، وتعلُّق الخصيتين، وعيوب في القدمين أو الذراعين، ووجود شقوق في قزحية العين، وتشقق في الشفتين والفم، ووجود ضعف عام في الجسم.
وبخلاف ما سبق ذكره تُوجد نوعيات لا حصر لها من الشذوذات الولادية، مثل: المهق العيني Ocular albinism - اضطراب الغُدد الصماء - مرض الربو Asthma - انقلاب وضع الأحشاء – الناعور Hemophilia - النقرس Gout - أمراض الأسنان التطورية - تشوُّهات العمود الفقري - تكرار الحالب Duplicated ureter - اضطراب الأوعية الدموية.
يُمكن ذلك تشخيص الشذوذات الولادية أو التشوُّهات التي تُوجد عند الأجنَّة قبل الولادة؛ من خلال الطرق التالية: فحص زغابات المشيمة، ومسح كات CAT SCAN، والتصـــوير بالإصدار البوزيتروني Positron Emission Tomography، وبزل السائل الأمينوسي Amniocentesis، وجهاز الموجات فوق الصوتية، والأشعَّة السينية.