البواسير من أكثر الأمراض الشرجيَّة الشَّائعة لدى كثير من الأشخاص؛ نتيجةً للعادات السلوكية الغذائية الخاطئة، حيث تُصيب نحو ثلاثة لكُلِّ أربعة أشخاص، وهي عبارة عن انتفاخ أو تورُّم في الأوردة الموجودة عند فتحة الشرج وأسفل المُستقيم، تُشبه في شكلها الدوالي الوريدية، وعادةً ما تظهر بسبب الضغط الشديد على تلك الأوردة نتيجة للمجهود الذي يُقام على عمل الأمعاء. وهناك عدَّة أنواع من البواسير أشهرها البواسير الداخلية، والبواسير الخارجية. ويُمكن علاج البواسير دون تدخُّل جراحي، وبالأدوية فقط، أو بتغيير في نمط الحياة، واتِّباع نظامٍ غذائيٍّ صحِّي ومُتوازن.
يُوجد في القناة الشرجية الطبيعية ثلاث وسائد بالتحديد في الجوانب اليُسرى والخلفية اليُسرى والأمامية من الجهة اليُمنى. وتلك الوسائد تُسمَّى "وسائد البواسير". وتُساعد تلك الوسائد في عملية حصر الغائط. حيث تقوم بضغط غلق الشرج، وتعمل على المُحافظة على عضلات العاصرة الشرجية خلال فترة مرور البُراز، وعندما يكون هناك تورُّم في الوسائد (مرض البواسير) يزداد الضغط الوريدي. وبالتالي تتضخَّم وسائد البواسير وتُصبح مُنتفخة، ويزداد حجمها، مما يؤدي إلى غلق فتحة الشرج.
لم يتعرَّف عُلماء الطب بعد على السَّبب الدقيق وراء ظهور أعراض البواسير، إلا أن هناك عوامل تُساعد في تسبُّب المرض. من ضمنها خلل في انتظام حركة الأمعاء الذي يؤدي إلى حدوث الإمساك أو الإسهال والانتظار طويلًا على قاعدة الإخراج وبذل كثير من الجُهد عند التغوُّط.
ومن أسباب البواسير أيضًا تناول أطعمة غذائية تفتقر للألياف الطبيعية التي تُساعد في تسهيل وظيفة الأمعاء في الإخراج. بالإضافة إلى عدم مُمارسة التمارين الرياضية بشكل مُنتظم، والبدانة، ورفع الأثقال لمدة طويلة. كما أن للوراثة دورًا في الإصابة بالبواسير، كما أنَّ من أعراض الحمل الإصابة بالبواسير. حيث يقوم الجنين بالضغط على البطن وإحداث تغيُّرات هرمونية تُسبِّب تضخُّم في البواسير.
بعض الأشخاص قد يكونون أكثر عُرضةً للإصابة بمرض البواسير. مثل كبار السِّن، حيث يحدث ضعف وتمدُّد للأنسجة التي تدعم أوردة المُستقيم وفتحة الشرج مع تقدُّم السن. بالإضافة إلى المرأة الحامل، حيث يؤدي وزن الطفل إلى الضغط على فتحة الشرج فيسبب البواسير. وخاصة في الفترة الأخيرة من أشهر الحمل، والجدير بالذكر أن 15% من الحوامل يتعرَّضن للإصابة بالبواسير في الثلث الثالث من أشهر الحمل. والمُطمئن أنَّ علاج البواسير يُمكن باستخدام الكريمات، كما أنَّها تختفي بعد الولادة.
تختلف أعراض البواسير بحسب نوعها، إلا أنَّ هناك بعض الأعراض العامَّة يُلاحظها المُصاب، وهي كالآتي:
بصفة عامة لا يشعر المُصاب بالبواسير الداخلية بأي أعراض تُذكر. إلا أنه قد يشعر بالحرق عند إخراج البُراز، ومن المُمكن أن يُسبِّب جرحًا في السطح الخارجي. وفي بعض الأحيان قد يؤدي الجُهد والضغط على أوردة البواسير باندفاعها إلى خارج فتحة الشرج.
تتمثَّل أعراض البواسير الخارجية بالشعور بالحكَّة والتهيُّج، وقد تؤدي إلى النَّزف، وقد يؤدي النَّزف إلى تخثُّر الدم (جلطة دموية) فيُسبِّب ألمًا وتورُّمًا يؤدي إلى حدوث التهاب.
من النَّادر أن تحدث مُضاعفات لدى المُصاب بالبواسير، وإن وجِدت فتتمثَّل في الإصابة بفقر الدم نتيجةً للنَّزف خلال عملية التغوُّط، ومن النَّادر أيضًا الإصابة بالبواسير المخنوقة، والتي تحدث بسبب عدم تدفُّق الدم إليها، وتُسبِّب هذه الحالة كثيرًا من الألم، وَمِنْ ثَمَّ موت النسيج.
يقوم الطبيب المُختص بفحص المُصاب فحصًا سريريًّا، حيث يُمكنه مشاهدة البواسير الخارجية بالنظر إلى منطقة الشرج والمنطقة المُحيطة بها، وعادةً يُعطي للمُصاب مُسكِّنًا للألم قبل عملية الفحص لما تُسبِّبه من ألم شديد أثناء الفحص، إذ يُدخِل الطبيب إصبعه في المُستقيم.
أمَّا البواسير الداخلية فلا يُمكن رُؤيتها بالنظر وتحتاج إلى عمل منظار، باستخدام منظار الشرج أو منظار المُستقيم أو المنظار السيني، وهو عبارة عن أنبوب ليِّن به إضاءة عند نهايته. كما يقوم الطبيب بفحص القولون كاملًا للتأكُّد من عدم وجود ورم في المُستقيم، أو في البروستاتا، وللتأكد إذا كان يُوجد خُرَّاج، خاصةً إذا كان المُصاب يُعاني من أعراض أو علامات تدلُّ على مشاكل أخرى في الجهاز الهضمي، أو احتمالية تعرُّضه لسرطان القولون، أو في حال كان مُتقدِّمًا في العُمر ولم يقُم بعمل فحص بالمنظار للقولون في السنوات الأخيرة.
هناك عديد من طُرُق علاج البواسير غير جراحة البواسير، وذلك وفقًا لنوع البواسير وحدَّة المرض أو تطوُّره. وفيما يلي كيفية علاج البواسير بداية من الأدوية، وحتى العلاج الجراحي:
من الممكن التخفيف من أعراض البواسير والحد من تورُّمها والتهابها باتِّباع بعض التَّعليمات الواجب فعلها في المنزل، مثل تناول وجبات غذائية غنية بالألياف، مثل الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، لتسهيل عملية الإخراج، وعمل مغطس دافئ يوميًّا ثلاث أو أربع مرَّات، من 10-15 دقيقة، وتنظيف منطقة الشرج والمنطقة المُحيطة بها بالماء الدافئ، وتجفيفها جيِّدًا، مع مُراعاة استعمال مناديل ورقية رطبة، ولا تحتوي على أي مُعطّرات.
إذا كان المُصاب يُعاني من أعراضٍ طفيفةٍ للبواسير لا تتعدَّى الشعور بالانزعاج دون التسبُّب بألم شديد، فقد يصف الطبيب المختص بعض الأدوية التي تُزيل البواسير، مثل الكريمات أو والمراهم التي تحتوي على المادة الفعَّالة "الهيدروكورتيزون، والليدوكايين"، وهي أدوية تُساعد في تخفيف الحكة والألم، مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ تناول السترويد، وهو دواء يُباع دون وصفة طبية يُسبِّب أضرارًا في الجلد على المنطقة المُصابة.
في حال تعرُّض المُصاب بالبواسير الخارجية إلى تخثُّر في الدم فإن ذلك يُسبِّب ألمًا؛ ولذا سيقوم الطبيب المُختص بعمل استئصال للخثرة من خلال شق صغير يهدف إلى تصريف التخثُّر، ولكن يُفضَّل أن تتم خلال 72 من الإصابة بالتخثُّر لضمان نجاحها.
يُمكن علاج البواسير الداخلية بوضع شريط مطَّاطي أو أكثر حول قاعدة البواسير الداخلية، بهدف الحدِّ من تدفُّق الدم إلى البواسير، وبالتالي سقوطه بعد أسبوع من العلاج، وتجدر الإشارة هنا إلى أن تلك المُعالجة قد تُسبِّب نزيفًا بعد يومين إلى أربعة أيام من العملية.
يقوم الطبيب المختص بحقن أنسجة البواسير بواسطة محلول كيميائي، لتقليص البواسير، وتلك العملية عادةً لا تُسبِّب ألمًا، إلا أنها أقل فاعلية من العلاج بالشريط المطاطي.
تتمُّ المُعالجة بالتخثُّر بواسطة عملية البواسير بالليزر أو الأشعَّة تحت الحمراء أو الحرارة، وذلك بهدف تصلُّب البواسير الداخلية وذبولها، إلا أنَّ العلاج بالتخثُّر قد يُسبِّب آثارًا جانبيةً، مثل عودة الباسور مرَّة أخرى.
قد يلجأ الطبيب المُختص إلى عملية البواسير جراحيًّا في حال لم تنفع طرق العلاج السَّابق ذكرها، وفي حال كانت البواسير كبيرة الحجم، أو في حالة ظهور بواسير خارجية وداخلية معًا، وهناك أنواع للعمليات الجراحية للبواسير، وهي كالآتي:
يقوم الجرَّاح بتخدير المُصاب تخديرًا موضعيًّا من خلال العمود الفقري، أو بالتخدير العام بحسب حالة المُصاب، ثم يقوم بعمل شقوق بواسطة المشرط، ويبدأ بربط الوريد المُنتفخ في البواسير حتى يمنع حدوث النزيف، ثم يقوم باستئصال البواسير بواسطة المشرط، أو قلم الحرق، وبعد الانتهاء من العملية إما أن يخيط المنطقة التي أحدث بها شق، وإما أن يُبقيها مفتوحة ويضع لها ضمادة طبية.
ومن المُمكن أن يستخدم الطبيب دبَّاسة دائرية لإزالة نسيج البواسير، وَمِنْ ثَمَّ إغلاق الجرح دون أن يقوم بعمل شق للمنطقة، ثم يقوم بإزالة البواسير وتوصيلها لمكانها في القناة الشرجية.
قد يحدث بعد العملية الجراحية بعض الآثار الجانبية الشائعة، مثل الشعور بالألم والنزيف واحتباس البول، وفي حالاتٍ نادرة قد يحدث ورم دموي في المنطقة المُصابة، وسلسل البول أو البُراز، أو الإصابة بعدوى في المنطقة التي تمَّت بها العملية الجراحية، أو التعرُّض لالتصاق البُراز في فتحة الشرج، ومن المُمكن أن يحدث نزيف في الشرج.
عملية البواسير بالليزر أحد خيارات العلاج المُتاحة، وتُعَدُّ أبسط وأسرع من الجراحة التقليدية، حيث يقوم الطبيب المُختص بتخدير المُصاب موضعيًّا، ثم يقوم بفصل البواسير بوضع جسر في جلد الشرج، وَمِنْ ثَمَّ تبخير البواسير بواسطة الليزر في الداخل، وفي حال استئصال البواسير الخارجية، يستخدم الطبيب شعاع القطع.
بعد عملية الليزر قد تحدث آثار جانبية للمُصاب، مثل حدوث القليل من النزيف بعد العملية بعشرة أيام، أو حدوث احتباس في البول، الإصابة بعدوى في المنطقة التي تمَّت بها العملية، ومن الممكن أن يشعر المُصاب بالغثيان بسبب استخدام المضادات الحيوية، هذا ومن المُمكن أن تعود البواسير مرَّة أخرى للظهور في حال اتِّباع سلوكيات سيئة تزيد من خطر الإصابة للمرَّة الثانية.
بعد العملية الجراحية، سواء كانت تقليدية أو بالليزر، سيصف الطبيب أدوية مُسكِّنة للألم، سواء كان على شكل أقراص أو مراهم وكريمات، ويُنصح بوضع أكياس ثلج حول منطقة الشرج للحد من الانتفاخ والألم. والجدير بالذكر أنه لا يُوجد فرق بين نسب نجاح العمليتين، سواء كانت الجراحة التقليدية أم عملية البواسير بالليزر.
معلومات التواصل
احصل على استشارة مجانية وإجابات على جميع أسئلتك عبر إكمال النموذج أدناه
احصل على استشارة مجانية وإجابات على جميع استفساراتك عبر تقديم الطلب أدناه