كيف يحدُث فتق في الاعضاء المجاورة للحجاب الحاجز؟

كثير من الأشخاص لا يعرفون فتق الحجاب الحاجز وفي حقيقة الأمر ما يحدث عند فتق الأعضاء المجاورة للحجاب الحاجز عبارة عن فتحات أو ثقوب في الحجاب الحاجز تؤدي إلى اندفاع الأعضاء المجاورة للحجاب الحاجز إلى الصدر، وهي الأعضاء التي تُوجد في البطن، مثل الأمعاء الدقيقة والمعدة والطحال والكبد، وعادةً ما يحدث هذا الثقب في الجهة اليسرى من الحجاب الحاجز، وقد يؤدي اندفاع الأعضاء المجاورة للحجاب الحاجز إلى الضغط على الرئتين، ممّا يعوق تطوُّر الرئتين ونموهما، وهذا ما يُفسِّر العلاقة بين فتق الحجاب الحاجز والجهاز التنفسي.

أنواع فتق الحجاب الحاجز

الفتق الانزلاقي

من أكثر الأنواع شيوعًا، وهو عبارة عن فتق صغير الحجم، يؤدي إلى اندفاع العضلة التي توجد أسفل المريء مع الجهة العُليا من المعدة، نحو التجويف الصدري بشكلٍ عمودي.

الفتق المتدحرج

يُسمَّى أيضًا الفتق جانب المريء، يؤدي إلى اندفاع جزء من المعدة من خلال فتحة بجوار الحجاب الحاجز بجانب المريء، نحو التجويف الصدري، بحيث يُصبح قريبًا من المريء أفقيًّا. وجدير بالذكر أن هذا النوع قد يُسبِّب مُضاعفات للمُصاب.

أسباب فتق الحجاب الحاجز

  • اتساع فتحة الحجاب الحاجز عند الولادة عن وضعها الطبيعي، مما يؤدي إلى تكوُّن الفتق.
  • ضعف العضلة المسؤولة عن الفتحة التي يمر من خلالها المريء لأسباب خلقية، أو نتيجةً للإصابة، مما يؤدي إلى اتساع تلك الفتحة، والسماح للمعدة بالمرور من خلالها إلى تجويف الصدر.
  • ارتفاع الضغط العضلة التي تُكوِّن الفتحة، وبالتالي بروز المعدة واندفاعها نحو تجويف الصدر، وقد يحدث هذا الارتفاع عند التقيُّؤ أو السُّعال أو رفع أشياء ثقيلة.

عوامل الخطر

الأشخاص المُعرَّضون لخطر الإصابة أكثر من غيرهم، هم كبار السن ممن يفوق عُمرهم خمسين عامًا، وكذلك الأشخاص الذين يُعانون من السمنة المُفرطة، أو المُدخنون.

أعراض فتق الحجاب الحاجز

قد لا يشعُر المُصاب بفتق الحجاب الحاجز البسيط بأي أعراض، ولكن تظهر أعراض فتق الحجاب الحاجز في حال الإصابة بفتق كبير، ويجب استشارة الطبيب المُختص في حال ظهور أي من تلك الأعراض:

  • الشعور بحُرقة في المعدة.
  • الشعور بالامتلاء والانتفاخ والتجشُّؤ المستمر، خاصة بعد تناول الطعام.
  • ارتجاع المريء.
  • ارتجاع الطعام أو السوائل إلى الفم.
  • الشعور بآلام في البطن أو الصدر.
  • إيجاد صعوبة أثناء البلع.
  • صعوبة في التنفس، وذلك في حال كان سبب الإصابة خلقيًّا، بسبب إعاقة نمو الرئتين وتطورهما بشكل طبيعي.
  • التنفس السريع، بسبب محاولة الرئتين تعويض ما ينقص الجسم من الأكسجين.
  • سُرعة ضربات القلب، بسبب محاولة القلب إمداد الجسم بالأكسجين.
  • ضعف أو غياب صوت النفس للأشخاص المُصابين بالفتق منذ الولادة، وذلك بسبب عدم اكتمال الرئتين بشكل سليم.
  • سماع صوت الأمعاء عند اندفاعها إلى تجويف الصدر.
  • إخراج بُراز أسود اللون.
  • في بعض الأحيان قد يتقيَّأ المُصاب دمًا بسبب نزيف في الجهاز الهضمي.
  • السُّعال بشكلٍ مستمر، خاصة في وقت الليل، وذلك يعود للارتجاع المريئي أو تهيُّج القصبة الهوائية.
  • ظهور رائحة كريهة للنفس، وألم في الحلق واللثة.

المضاعفات

في بعض الحالات النادرة قد يتعرَّض المُصاب بالفتق المُتدحرج إلى حُدوث مُضاعفات، مثل انسداد في الجهاز الهضمي، وتُسبِّب آلامًا غير مُحتملة للبطن والصدر تُشبه الذبحة الصدرية، بالإضافة إلى التقيُّؤ، ومن المُمكن أن تحدث تقرُّحات في المريء نتيجةً للارتجاع المريئي الذي يسببه الفتق الحجابي، وفي حال استمراره لفترة طويلة دون علاج قد يؤدي إلى الإصابة بورمٍ في الغشاء المخاطي للمريء، من المُمكن أن يكون خبيثًا (يُعرف بمُتلازمة باريت).

تشخيص فتق الحجاب الحاجز

عند زيارة الطبيب يقوم بالسؤال عن الأعراض التي يُعاني منها المُصاب، ثم يقوم بعمل بعض الفحوصات والاختبارات التي تُساعد في تشخيص الفتق الحجابي، وهي كالآتي:

  • التصوير بواسطة الأشعَّة السينية للجهاز الهضمي، حيث يتم إعطاء المُصاب سائلًا أبيضَ لشُربه، وذلك لتغليف بطانة الجهاز الهضمي الداخلية، ليتمكن الطبيب المُعالج من رؤية المريء والمعدة والأمعاء بشكل واضح.
  • عمل منظار للمعدة، حيث يُدخل الطبيب أنبوب المنظار، وهو أنبوب رقيق ومرن مُزوَّد بضوء وكاميرا، يتم إدخاله عبر الحلق، وذلك لفحص المعدة والمريء والتأكد من وجود التهاب أم لا.
  • عمل اختبار للتقلصات العضلية في المريء أثناء البلع، ومعرفة تناسُق عضلات المريء مع القوة التي تصدر عن تلك العضلات، وذلك بواسطة قياس ضغط المريء.

علاج فتق الحجاب الحاجز

مُعظم الأشخاص المُصابين بفتق الحجاب الحاجز لا يُعانون من أعراض، ولذلك قد لا يحتاجون إلى علاج، ولكن في حال حُدوث الأعراض وتشخيص الفتق الحجابي قد يقرر الطبيب وفقًا للحالة علاج الفتق الحجابي بالطرق التالية:

العلاج بالأدوية

للتخفيف من أعراض حُرقة المعدة والارتجاع المريئي، يصف الطبيب أدوية مضادات الحموضة لمعادلة الحمض المعدي، كما يصف أيضًا أدوية حاصرات مُستقبلات هيستامين 2، وهي أدوية مُمكن شراؤها دون وصفة طبية، تعمل على تثبيط إنتاج الأحماض المعدية، مثل دواء رانتيدين، بالإضافة إلى أدوية مثبطات مضخة البروتون، التي تعمل على الحد من إنتاج الحمض المعدي وإصلاح الضرر الواقع على المريء، علمًا بأنه يُمكن شراء الدواء دون وصفة طبية، مثل دواء أوميبرازول.

العلاج بالجراحة

  • قد يضطر الطبيب المُختص إلى العلاج بواسطة عملية جراحية بالتنظير، للأشخاص الذين لم تُجدِ العلاجات بالأدوية نفعًا لهم، أو الأشخاص الذين تحدث لهم مُضاعفات، مثل تضييق المريء، أو حُدوث التهاب شديد.
  • يتم إعطاء المُصاب حقنة تخدير عام، ثم يقوم الجرَّاح بعمل شقوق في البطن صغيرة الحجم، لإدخال كاميرا صغيرة وأدوات الجراحة الخاصَّة بذلك، وخلال مشاهدته تجويف البطن من خلال شاشة الفيديو، يقوم بإصلاح الفتق الحجابي بسحب المعدة إلى الأسفل باتِّجاه البطن، وَمِنْ ثَمَّ تصغير ثقب الحجاب الحاجز، وإعادة بناء العضلة العاصرة للمريء، أو يقوم بإزالة كيس الفتق.
  • من المُمكن أن يلجأ إلى خيار تنظير الصدر بعمل شق واحد في جدار منطقة الصدر، والتي يُطلق عليها “بضع الصدر”، كما أن هناك خيارًا ثالثًا للعملية الجراحية، وهي إجراء عملية جراحة مفتوحة، يقوم الجرَّاح خلالها بعمل شقوق طويلة، إلا أن هذا الخيار نادرًا ما يستخدمه الطبيب المختص لسهولة عملية التنظير، ولصغر حجم الشقوق، وللتقليل من حُدوث التهابات، إضافة إلى أن الألم الذي يشعر به المريض في عملية التنظير أقل من ألم الجراحة المفتوحة، وأقصر في فترة الشفاء، بالإضافة إلى الجانب التجميلي، حيث إن الشقوق الصغيرة في التنظير لا تترك آثار ندوب في الجسم مثل الجراحة المفتوحة.
  • بعد إجراء العملية الجراحية يتطلَّب من المُصاب المُكوث في المستشفى لمدة يوم واحد فقط، للاطمئنان عن حالته والتأكد من عدم وجود مضاعفات، والجدير بالذكر أن نسبة نجاح العملية الجراحية للفتق الحجابي قد تصل إلى 90%.

العلاج المنزلي والوقاية من الفتق الحجابي

إن تغيير بعض العادات والسلوكيات في نمط الحياة المُعتاد عليه. قد يساعد بشكل كبير من علاج الفتق الحجابي أو التخفيف من الأعراض وتجنُّب حُدوث المضاعفات قدر الإمكان، والوقاية من الإصابة بالمرض، ولذلك، فهناك إجراءات يجب اتباعها، وهي كالآتي:

  • تقسيم الوجبات الغذائية الكبيرة إلى وجبات صغيرة يتم أخذها على مدار اليوم، لتجنُّب امتلاء المعدة والشعور بالارتجاع المريئي.
  • الابتعاد قدر الإمكان عن تناول الأطعمة أو المشروبات التي تُثير الشعور بحُرقة المعدة. مثل الأطعمة التي تحتوي على كمية كبيرة من الدهون، أو الأطعمة المقلية، أو صلصة الطماطم، بالإضافة إلى الشوكولاتة بأنواعها، وتناول الثوم والبصل، والفواكه الحمضية، وتناول الكافيين بأنواعه.
  • تجنُّب تناول المشروبات الكحولية.
  • الابتعاد عن تناول الطعام بوقت مُتأخِّر من الليل. ويجب أن تكون آخر وجبة غذائية يتم تناولها قبل النوم بساعتين على الأقل.
  • تجنُّب الاستلقاء بعد تناول الوجبة على الأقل بثلاث ساعات، مع مُراعاة الوقوف بعد تناول الطعام.
  • اتباع نظام غذائي صحي ومُتوازن وغني بالفيتامينات والمعادن التي تُوجد بالخضراوات والفواكه. والابتعاد عن تناول الأطعمة التي تُسبِّب زيادة في الوزن.
  • الإقلاع عن التدخين لأنه من مُسبِّبات حُدوث فتق في الأعضاء المجاورة للحجاب الحاجز.
  • رفع رأس السرير ما يُعادل 15 سم (أي 6 بوصات).
  • محاولة الابتعاد عن أي مُسبِّبات للضغوط النفسية قدر الإمكان.

فتق الحجاب الحاجز للأطفال

يتم تحديد طريقة علاج الفتق الحجابي للأطفال حديثي الولادة بحسب حالة الطفل، وبعد التشخيص. حيث يقوم الطبيب بعمل أشعَّة سينية للطفل، وعمل تصوير مقطعي لأعضاء البطن. بالإضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي ليكون أكثر دقة. خاصَّةً إذا كان التشخيص أثناء فترة الحمل، بالإضافة إلى طرق التشخيص الأخرى التي تم ذكرها أعلاه، كما يتم إدخال الطفل إلى وحدة العناية المُركَّزة لحديثي الولادة، لحاجة الطفل المُصاب للتهوية الميكانيكية بسبب عدم اكتمال الرئتين.

من ضمن الخيارات المُتاحة للعلاج يتم عمل أكسجة غشائية خارج الجسم، حيث يعمل هذا العلاج على ضخ الدم المُحمَّل بالأكسجين في الأوعية الدموية. وَمِنْ ثَمَّ توصيل الأكسجين إلى باقي أجزاء الجسم، وهذا العلاج يُعَدُّ مُساعدًا لعمل وظيفتي القلب والرئتين، وهو علاج مؤقت إلى حين استقرار الطفل المُصاب، ثمَّ يلجأ الطبيب في هذه الحالة إلى إجراء العملية الجراحية لإصلاح فتق الأعضاء المجاورة للحجاب الحاجز.