رتق المريء الناسور الرغامي

رتق المريء الناسور الرغامي عيب خلقي يُصيب مولودًا واحدًا لكل أربعة آلاف مولود. كما أنه يُمكن أن يُصيب الكبار جرَّاء كثرة العمليات الجراحية، مثل عملية استئصال الحنجرة. حيث يُعاني المُصاب من انسداد الجُزء العُلوي والسُّفلي من المريء نتيجة لعدم اكتمال نموه بشكل سليم. وعادة ما تكون هناك علاقة مباشرة بين ناسور المريء والقصبة الهوائية.

الجدير بالذكر أن رتق المريء تُرافقه عيوب خلقية أخرى، تُعرف باسم Vacter association. مثل عيب في العمود الفقري، والمُستقيم، والشَّرج، وعيوب في القلب. وقد تكون عيوبًا خفيفة لا تحتاج إلى العلاج أو مُعقَّدة تتطلب إجراء عملية جراحية.

أسباب رتق المريء الناسور الرغامي

حتى هذه اللحظة لم يتمكَّن علماء الطِّب من معرفة الأسباب الحقيقية وراء الإصابة برتق المريء، إلا أنهم يشيرون إلى أن حدوثه بسبب خلل في التشكيل الجيني. حيث يحدث عند التفاغر ما بين الجزء العُلوي والسُّفلي للمريء، إذ يمر الناسور الرغامي بين المريء والقصبة الهوائية. مما يسبب انتقال الطعام داخل المريء إلى القصبة الهوائية والرئتين، أو قد ينتقل الهواء من القصبة الهوائية إلى المريء.

أنواع رتق المريء الناسور الرغامي

  • رتق المريء الناسور الرغامي البعيد: من أكثر الأنواع شيوعًا، إذ يُصيب نحو 85% من حالات رتق المريء عند الأطفال حديثي الولادة والرُضّع، وهو ما بين الجهة السفلية من المريء والرغامي، والجهة العليا من المريء تكون مسدودة. وتتم مُعالجة هذا النوع بالعملية الجراحية.
  • رتق المريء دون ناسور رغامي: يُصيب نحو 8% من الحالات لدى الأطفال حديثي الولادة. وفي هذا النوع يكون المريء بجُزئه الأعلى والأسفل مسدودَين، والمسافة بينهما بعيدة.
  • الناسور الرغامي دون رتق المريء: يُصيب نحو 4-6% من الحالات، ويكون الناسور بهذا النوع على شكل حرف N باتجاه الرغامي، ويكون بالقُرب من المريء. وعادة ما تكون أعراض هذا النوع تتمثل في انتقال الهواء من القصبة الهوائية إلى المريء أو انتقال محتويات المريء إلى الرغامي. وتتم مُعالجة هذا النوع من خلال عمل غلق للناسور. وذلك بربط الناسور من الجهتين، ومن ثم قطعه وعزله، ويساعد التشخيص المبكر للحالة على العلاج الجيد.
  • رتق المريء الناسور الرغامي القريب: يُصيب من 1-2% من الحالات، يقع بين الرغامي والجهة العُليا من المريء.
  • رتق المريء الناسور الرغامي القريب والبعيد: يُعتبر نادرًا، إذ يُصيب نحو 1% من الحالات. إذ يقع بين الرغامي والجهة العُليا من المريء، وبين الرغامي والجهة السُّفلى من المريء.

أعراض رتق المريء الناسور الرغامي

تتمثَّل أعراض رتق المريء الناسور الرغامي عند الأطفال حديثي الولادة في عدم قُدرة المُصاب على البلع الجيد. مما يسبب تراكُم اللعاب بشكل كبير في الفم، وقد تظهر أعراض أخرى أكثر خطورة مثل الاختناق، والسعال المتكرر، والتنفس بصوتٍ عالٍ نتيجة لضعف جدران القصبة الهوائية، والقيء. وقد يتعرض المُصاب إلى الزُّرقة وتغيُّر في لون الجلد. خاصة أثناء الرضاعة. بالإضافة إلى سوء التغذية نتيجةً لعدم القُدرة على الرضاعة بشكل جيد. أما الكبار فقد تظهر أعراض نادرة للمرأة تتمثل في كثرة السوائل في الرحم.

تشخيص رتق المريء الناسور الرغامي

يُلاحظ الطبيب المختص الأعراض الآنفة الذكر لدى المُصاب. فيبدأ بإجراءات الفحوص التي تشمل عمل أشعَّة على الصدر من الجهة الأمامية والخلفية والجانبية بما فيها المنطقة الصدرية الرقبية والبطن. كما يقوم إدخال أنبوب أنفي معدي Replogle في المريء، ويلاحظ الطبيب هنا حدوث مقاومة. فيحاول دفع الأنبوب بحذر لبضعة سنتيمترات، كما يُمكن تشخيص رتق المريء بواسطة الرنين المغناطيسي.

ويُلاحظ الطبيب بعد التشخيص وجود غازات في بطن المُصاب إذا كان يُعاني من الناسور الرغامي المريئي السُّفلي. كما سيكشف من خلال التشخيص ما إذا كان هناك تشوهات قلبية أو رئوية. كما يقوم أيضًا بعمل فحوصات للتأكد من وجود عيوب خلقية مرافقة من عدمه، حيث يقوم بعمل أشعَّة الموجات الصوتية (إيكو) على القلب. وأيضًا على البطن للتأكد من عدم وجود تشوُّهات كُلويَّة.

علاج رتق المريء بالعملية الجراحية

التحضير للعملية الجراحية

  • يتم علاج رتق المريء الناسور الرغامي بواسطة التدخل الجراحي، وقبل إجراء العملية يتم تحضير المُصاب. حيث يصف الطبيب المختص مجموعة من الأدوية للحد من الالتهابات التي يتعرض لها نتيجةً للإصابة برتق المريء. وللحد من العدوى القيحية، وللتقليل من خطر المضاعفات التي تنتج عن العملية الجراحية.
  • بعد ذلك يقوم الطبيب بإدخال أنبوب Replogle لتتم إزالة محتويات المريء بشكلٍ مستمر أثناء عملية رتق المريء. ثم يتم وضع الطفل في الحاضنة على وضعية الاستلقاء مع مُراعاة رفع الرأس بزاوية 30-40 درجة لتفادي ارتجاع محتويات المعدة إلى الرئتين من خلال الناسور السُّفلي. كما تتم مُعالجة الاضطراب الحمضي القلوي والتجفاف، وعلاج ذات الرئة الاستنشاقية. ثم عمل فحوصات على القلب بواسطة الإيكو والتأكد من وجود التشوُّهات.

العملية الجراحية

  • هناك طريقتان يتم اتباع إحداهما في عملية رتق المريء الناسور الرغامي من خلال فغر الصدر. حيث يقوم الطبيب بإغلاق الناسور حتى تتحسَّن الأكسجة لدى الطفل، ثم بعد ذلك يقوم عملية وصل بين الأطراف المسدودة للمريء؛ أي المريء القريب مع المريء البعيد، ويُشترط في هذه الحالة أن يكون المُصاب في حالة مستقرة من التنفس والأكسجة، وأن يكون وزنه في حدود كيلو ونصف الكيلو، والتأكد من عدم وجود تشوُّهات خلقية أخرى.
  • في حال كانت المسافة بعيدة بين طرفي المريء، لن يتمكَّن الطبيب من وصل الطرفين، فيقوم بإغلاق فغر الصدر، ثم يقوم بعمل فغر المعدة، حيث يتم عمل فتحة في جدار البطن لإدخال أنبوب التغذية للمُصاب، ويتم رفع المعدة إلى الصدر وربطها بشكل مباشر مع الجهة العُليا من المريء. وفي حال فشل تلك الطريقة، يتم استبدال المريء من خلال استخدام عروة من الأمعاء الدقيقة أو الغليظة.

العناية بعد العملية الجراحية

بعد العملية الجراحية، يبقى المُصاب في وحدة العناية المركزة بالحاضنة، كما سيحتاج إلى المُراقبة بشكل مستمر من قِبَل الطبيب المختص، وهذا الإجراء يُساعد على الكشف عن المضاعفات التي قدر يتعرض لها المُصاب في مراحل مُبكرة قبل أن تتطوَّر، وسيُعطى المُصاب أدوية مضادات حيوية وأدوية مُسكِّنة للألم، وسيحتاج إلى جهاز تنفس وأكسجين، كما سيحتاج إلى أنبوب داخل صدره لإخراج الهواء والسوائل التي تتراكم على الصدر، وتتم تغذية المُصاب عبر الوريد في الأيام الأولى بعد العملية، وفيما بعد ستتم تغذيته من حليب الأم، حيث يتم إدخال الحليب بواسطة أنبوب تغذية يتم تمريره من أنفه إلى معدته.

مضاعفات بعد عملية رتق المريء

قد تُسبِّب عملية رتق المريء في بعض الأحيان بحدوث مضاعفات لدى المُصاب، مثل الارتجاع المريئي، وصعوبة البلع، والسعال والصفير المستمر، والتهابات في الصدر تظهر بشكل متكرر، وقد يحدث تضيُّق بسبب التآكل الحمضي في المعدة، ومن الممكن عودة الناسور مرة أخرى، وفي هذه الحالة يضطر المُصاب إلى إعادة العملية الجراحية لاستئصال الجذري للناسور، ومن الممكن أن تحدث وفاة للطفل نتيجةً للمُضاعفات التي تتطور مثل الإصابة بالتقيُّح.

وهناك مُضاعفات غير شائعة قد تُصيب الطفل بعد العملية الجراحية، مثل حدوث التهابات في الرغامي أو القصبة الهوائية، أو الإصابة بالتهاب رئوي جرثومي، أو حدوث غرغرينة، وذات الجنب.

الوقاية من رتق المريء الناسور الرغامي

أوضح علماء الطب أنه لا تُوجد طريقة للوقاية من رتق المريء الناسور الرغامي خلال فترة الحمل، ولكنهم يُجمعون على الاهتمام بالصحة العامة لدى الأم أثناء الحمل، مثل اتباع نظام غذائي صحي ومفيد، وأخذ قسطٍ وافٍ من الراحة والنوم، بالإضافة إلى المواظبة على زيارة الطبيب المختص شهريًّا على الأقل واتباع تعليمات الطبيب بشأن تناول الفيتامينات المناسبة في هذه الفترة.