الطب الرياضي الجراحي

الرِّياضة مُتنفَّسُ الشُّعوب، وهي وسيلة لتقوية الأبدان والحفاظ على صحَّة الجسم بشكل عام، وخلال مُمارسة الرياضة قد تحدث إصابات في التمرين أو عند المُنافسة على الفوز، وتتنوَّع أشكال الرياضة بين فرديَّة وجماعيَّة، وتتنوَّع تبعًا لذلك الإصابات الرياضية، وأشد الإصابات خطورة تكون في الألعاب الجماعية أو العنيفة؛ مثل: كُرة القدم والمُلاكمة، ومهمة الطب الرياضي هو علاج الإصابات في أسرع وقت، وبأقل تكلفة.

الطب الرياضي الجراحي لا تتوقَّف مسؤوليته على علاج الإصابات الناتجة عن الرياضة فحسب، بل أيضًا علاج الإصابات الناتجة عن المجهود البدني الشاق، عند مُمارسة الحِرَف التي تستدعي مجهودًا بدنيًّا شديدًا؛ مثل: إصابات عمال البناء وغيرها، وعن الطب الرياضي الجراحي يدور هذا المقال.

ما المقصود بالطب الرياضي؟

يُطلق مصطلح الطب الرياضي للدلالة على تشخيص وعلاج كل الإصابات التي تحدث للجهاز العضلي الحركي، ويتضمَّن الإصابات التي تحدُث للعظام والعضلات والمفاصل، ويستهدف الطب الرياضي إعادة تأهيل المُصاب، وإعادته إلى نشاطه المُعتاد مرة أخرى، دون ألم، وبشكل طبيعي، ويستتبع ذلك المُمارسة الصِّحيَّة والآمنة للرياضة.

ولا يُعَدُّ الطب الرياضي تخصُّصًا طبيًّا عند البعض، بل إن بإمكان الأطبَّاء المتخصصين في الباطنة أو العظام، أو أي تخصص آخر، أن يكونوا مؤهلين لقبولهم كأخصائيين في الطب الرياضي، بعدما يتلقون تدريبًا خاصًّا، يجعلهم قادرين على القيام بمهام الرعاية الصِّحيَّة للرياضيين، أو أطفال المدارس الذين يُمارسون الرياضة في أفنية المدارس أو الساحات، أو التعامل مع إصابات المُراهقين، الذين يُمارسون الرياضة في صالات الجيم واللياقة البدنية.

ما المقصود بالطب الرياضي الجراحي؟

ويُشير مصطلح الطب الرياضي الجراحي إلى القدرة على علاج الإصابة الرياضية، التي تعني تراجع العضلات أو العظام بشكل فردي وفشلها في قبول الفرط في استهلاك المجهود الرياضي، ويحدث ذلك – كما هو معروف في الطب الرياضي الجراحي – نتيجة سببين:

  • تعرُّض العضلة أو العظم أو المفصل لصدمة مباشرة، في حال ما إذا كانت الرياضة المُمارسة تستلزم الاحتكاك؛ مثل: كُرة القدم.
  • الزيادة التي لم تُدرس في مُستوى التمرينات الرياضية.

تخصص الطب الرياضي

يتفرَّع الطب الرياضي عند البعض عن طب العظام، فهو تخصص مستقل بنفسه، وربما يعمل مع التخصصات الأخرى – كما سيأتي – للوصول إلى أعلى قُدرة على علاج الإصابات الرياضية، والأطبَّاء في فرع الطب الرياضي مؤهلون بما فيه الكفاية للتعامل مع الإصابات الرياضية، التي تُصيب الرياضيين عند مُمارسة الرياضات المُختلفة، ويظهر ذلك في ثلاث نقاط مهمة، هي:

  • عودة وظائف الجهاز الحركي العضلي في وقت قصير.
  • خبراء الطب الرياضي الجراحي مسؤولون أيضًا عن الحيلولة دون حُدوث مُضاعفات أخرى.
  • يُمكن لخُبراء الطب الرياضي الجراحي توجيه الرياضيين إلى كيفية الوقاية من حُدوث الإصابات في الملاعب.

ولا يقتصر دور مُتخصِّصي الطب الرياضي على علاج وتأهيل المُحترفين من الرياضيين، ولكن بالإمكان تعاملهم مع الأطفال، الذين يتعرَّضون للإصابات في ملاعب المدارس، أو غيرها من ساحات مُمارسة الرياضة، وكذلك يُمكن لاختصاصيي الطب الرياضي مُساعدة عمال البناء والحرفيين الذين يحتاجون إلى قوة وطاقة بدنية كافية.

الطب الرياضي والعلاج الطبيعي

الطب الرياضي والعلاج الطبيعي يُكمل كل منهما الآخر، ولنفهم ذلك ينبغي أن نعرف القليل عن العلاج الطبيعي:

العلاج الطبيعي هو منهج علاج، ومهمة من يقوم به الحفاظ على الأنشطة البدنية والاجتماعية والنفسية، على أن يُراعي المختصون فيه الفُروق الصِّحيَّة بين الحالات التي يُعالجونها، وليس العلاج الطبيعي قائمًا على العشوائية، بل إنه يعتمد على الأسس العلمية التي تُعزِّزها الأدلة، وتتم مُراجعة وتدقيق تلك الأدلة والأسس العلمية، بما يُحقِّق أداءً إكلينيكيًّا مُناسبًا.

وهدف كل من الطب الرياضي والعلاج الطبيعي هو تحسين حركة الجهاز العضلي الهيكلي (حركة المفاصل والعضلات والأربطة)، وتدعيم العلاج الطبي التقليدي، حينما تحتاج الظروف الصِّحيَّة إلى كل منهما، أما العلاج الطبيعي وحده فيستعان به في جميع الحالات والأعمار، للذين يُمارسون الرياضة والذين لا يُمارسونها، وهو إجراء تلطيفي يُساعد على تحسين الحركة الطبيعية للمرضى وتخفيف آلامهم، والوصول بهم إلى مُستوى حياة بجودة عالية.

ما دور الطب الرياضي والعلاج الطبيعي مع الإصابات؟

الطب الرياضي والعلاج الطبيعي يتَّفقان حين يُمارس العلاج الطبيعي دوره في الإصابات الرياضية، والتي تدور حول:

  • آلام العضلات: حيث يُساعد المساج – الذي يقوم به أخصائيو العلاج الطبيعي – على تخفيف الشد حول العضلة المُستهدفة، وتخفيف ما يُصيبها من تشنُّجات، وتخفيف مُستويات التوتُّر، وكذلك يُسهم المساج في زيادة كفاءة العضلة بالتروية الدموية.
  • تمزُّق العضلات: هو عرض يحدث خلال التدريبات، وهو عبارة عن إصابة معروفة في الطب الرياضي، تُؤدِّي إلى تعطيل مُمارسة اللاعب للرياضة لفترة طويلة، ودور الطب الرياضي والعلاج الطبيعي هنا هو المُساعدة في زيادة المرونة والقوة في منطقة الإصابة، وكذلك تخفيف الألم والتحكم فيه، وذلك عن طريق العلاج الكهربائي والتدليك؛ حيث إنهما يسهمان في الإسراع في عمليتي التعافي والشفاء.
  • الكسور: من المعروف أن الكسور تؤثر على قوة العضلة ونشاط الأعصاب، ودور العلاج الطبيعي خلال فترة الشفاء والتعافي هو استعادة قوة العضلة، وتنشيط الأعصاب المُحيطة بها، وذلك عن طريق التمارين والتمدُّد التدريجي، وخصوصًا إذا كان الكسر في منطقة معقدة، أو في مفصل مهم أو عظم؛ مثل: عظم الفخذ.
  • الإصابات التي تحدث في الأربطة: ترتبط العضلات بالعظام عن طريق الأربطة، وحُدوث الإصابات في الأربطة عادة ما يأخذ فترة بسيطة، ويعود إلى حيث كان، ولكن في الحالات الخطيرة يلزم تدخل الطب الرياضي والعلاج الطبيعي، ومن الأفضل أن يتدخل العلاج الطبيعي بعد اثنتين وسبعين ساعة فقط من وقت الإصابة؛ حتى تهدأ الإصابة وتخف حدَّتها، ويستخدم أخصائيو العلاج الطبيعي التمارين المحفزة للدم؛ ليتدفق إلى المنطقة المُصابة، مع التدليك حتى تستعيد العضلة حركتها الطبيعية.

ما مزايا المُوائمة بين الطب الجراحي والعلاج الطبيعي؟

  • أوَّلًا: العلاج الطبيعي فعَّال في معظم الحالات وأغلبها.
  • ثانيًا: يُعيد العلاج الطبيعي مُعظم الحالات إلى طبيعتها، ويُؤهِّلها للوقاية من الإصابات المُحتملة فيما بعد.
  • ثالثًا: الطب الرياضي الجراحي والعلاج الطبيعي مُقترنان؛ فالعلاج الطبيعي جُزء أصيل من عملية العلاج، ولا يُمكن الاستغناء عنه؛ إذ إنه يُعزِّز مُعدَّلات شفاء المُصابين، ويُخفِّف من آلامهم.
  • رابعًا: أي تقصير في الأداء يعتمد على درجة مهارة ودُربة وخبرة الأخصائي المسؤول، ولا يعود التقصير إلى العلاج الطبيعي، بل إلى الأخصائي نفسه.

الطب الرياضي والاصابات الرياضية

في إحصاء صادر عن الطب الرياضي في ألمانيا، أشارت الإحصاءات إلى أن الإصابات الرياضية، التي تتصدَّر القوائم هي الالتواءات والكدمات، بنسبة تتخطَّى خمسة وثلاثين بالمائة، بينما تليها في القائمة العظام المكسورة والخلع بنسبة تقرب من 25%، وتشغل إصابات العضلات والأوتار والأربطة ما يقرُب من 22% من جميع الإصابات الرياضية.

العوامل المُسبِّبة للإصابات الرياضية

  • التقاعُس عن استخدام الأدوات التي تقي الجسم من الإصابات.
  • ما يُعرف بالميكانيكية الحيوية في عمليات الإحماء قبل مُمارسة الرياضة.

ما أعراض الإصابات الرياضية؟

  •  الألم الذي يشعر به المُصاب.
  • حُدوث ورم في المفاصل أو العضلات التي تعرَّضت للإصابة.
  • حيانًا تظهر بعض التَّغيُّرات في الجلد.

وعادة لا يحتاج 90% من الإصابات الرياضية إلى التدخل من الطب الرياضي الجراحي، فقط يحتاج إلى عمليات تأهيل، ولا يتم اللجوء إلى الجراحة سوى في حالات الفشل الكامل، أو الجُزئي في العضلة المُصابة أو الرباط أو المفصل المُصاب.

أمثلة على الإصابات الرياضية

أوَّلًا: الالتواءات

تحدث الالتواءات نتيجة حركات مُفاجئة تُؤثِّر على الأربطة، وينتج ذلك عن فرط تمدُّد، مما يكون سببًا في الآلام الشديدة، ومن أعراض الالتواءات والانتفاخات والأورام الدموية، التي تظهر في العادة بعد مُضي ساعات قليلة، وأكثر المفاصل عُرضة للالتواءات في الطب الرياضي الجراحي هو مفصل الركبة ومفصل الكاحل، ومن الممكن حُدوث التواءات لمفصلي المرفق والمعصم أيضًا، وتنتج الالتواءات عن عدم القيام بالقسط الكافي من عمليات الإحماء.

ثانيًا: التقلص العضلي

من سمات التقلص العضلي نوبات الألم مع تعطل الحركة، والتقلص العضلي هو أقل أشكال تمزُّق الألياف العضلية ضررًا، وينتج عن الحركات المُتسرِّعة غير المُنضبطة، وتُعالج كل من الالتواءات والتقلص العضلي في الطب الرياضي طبقًا لقاعدة PECH؛ وهي عبارة عن عدَّة خطوات:

  • الاستراحة.
  • الجليد.
  • الضغط.
  • الرفع إلى مكانٍ عالٍ.

ثالثًا: تمزُّق الألياف العضليَّة

أكثر أشكال تمزُّق الألياف العضلية من حيث الضرر هو شد العضلات، وتمزُّق العضلات المباشر هو أشد أنواعها؛ لأن الأخير معناه تمزُّق العضلات بكاملها، ومن أعراض حالات تمزُّق الألياف العضلية الورم الدموي، الذي لا يكون مرئيًّا في كل الحالات، كما يشعر المُصاب بوخز إبر أو سكاكين تُمزِّقه، وفي الطب الرياضي الجراحي أن السبب الشائع غالبًا لهذا النوع من الإصابات هو التمدُّد العضلي فوق المُعتاد؛ بسبب إحماء غير مُلائم.

في بعض الحالات يشعر المريض بهذا التمزُّق مباشرة عن طريق جسِّ العضلة، ولا يُمكن الحصول على تشخيص أكثر دقة إلا باستخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية، أو بالتصوير بالرنين المغناطيسي، ولا تعود العضلات إلى العمل والقيام بوظائفها مرَّة أخرى إلا بعد مُضي عدَّة أشهُر، وكسابقاتها من الإصابات الرياضية تُعالج عن طريق قاعدة PECH.

رابعًا: الكدمات

تحدث الكدمات يوميًّا عند مُمارسة الرياضة، وتنقسم إلى كدمات في المفاصل وكدمات في العضلات وكدمات في العظام، ومن أعراض الكدمات في تجمُّع سوائل في مناطق الكدمات؛ بسبب كدمة الأوعية، وفي العادة تختفي تلك الكدمات بعد فترة من الراحة، ويجب استشارة أخصائي الطب الرياضي الجراحي عند تطوُّر الكدمة إلى آلام أو تشوُّهات، والسبب في الكدمات يكون عادة الضربات، أو الضغط على الأوعية الدموية أو الأوعية الليمفاوية أو على الأعصاب.

خامسًا: تمزُّق الأربطة

تمزُّق الرباط الخارجي في مفصل الكاحل هو أكثر تمزُّقات الأربطة شيوعًا، وتُعالج الأربطة المُمزَّقة على أساس العلاج الطبيعي، بمُساعدة أخصائي الطب الرياضي الجراحي، وأخصائي تقويم العظام.

الإصابات الرياضية الأخرى التي يُعالجها الطب الرياضي الجراحي

إصابات أربطة الرُّكبة

تعني هذه الإصابات في الطب الرياضي الجراحي حُدوث تمزُّق أو تضرُّر؛ ينتج عن إصابة الرُّكبة إصابة عنيفة، أو تحريكها بشكل مُفاجئ، ومن أعراض هذه الإصابة؛ عدم ثبات المفصل، وظهور ورم في الرُّكبة، أضف إلى ذلك الألم الذي يشعر به المُصاب.

إصابة وتر أخيل

وتر أخيل هو الوتر الذي يصل بين بطة الساق وعظمة الكعب، وإصابته تعني الالتهاب المُزمن أو حُدوث التمزُّق؛ نتيجة مُمارسة الرياضة العنيفة، أو استخدامها بشكل مُفرط.

الغضاريف الهلالية للرُّكبة

تُعَدُّ إصابات الرُّكبة من الإصابات الشائعة في الطب الرياضي الجراحي، وتحديدًا السطح الغضروفي الهلالي، وهو يسهل حركة الرُّكبة (الغضروف الهلالي ببطن الرَّكبة)، وتنتج هذه الإصابة عند حُدوث التواء مُفاجئ في الرُّكبة، وتنشأ هذه الإصابة غالبًا عند مُمارسة الرياضات العنيفة.

تمزُّق أربطة الكتف

هناك أربطة تُحيط بالكتف، ويُطلق عليها (الكفة المُدوَّرة)، وتحدث آلام عند الإصابة بها، كما تشمل أعراضها صعوبة في مُمارسة الأنشطة، أو عند القيام بحمل بعض الأشياء.

التهابات الأوتار

تظهر هذه الإصابات خاصَّة في لاعبي التنس، وتنتج عنها تورُّمات وشعور بآلام شديدة، والأوتار هي الحبال المتينة المسؤولة عن الصلة بين عضلات الجسم، والأوتار كلها عُرضة للإصابة بالالتهاب، ولكن أغلب الإصابات الرياضية تحدث في أوتار الأصابع والمعصم.

إصابة المرفق أو (الكوع)

هذه إصابات شائعة عند مُتسلِّقي الجبال والرياضيين بشكل عام، كما تُصيب بعض أصحاب المهن عند تعرُّضهم لمجهود يدوي شاق، وهي عبارة عن إصابات في عضلات المرفق وأوتاره وأربطته.

خلع الكتف

عند تعرُّض الكتف للسقوط عليها، أو ضربه مباشرة، يخرج رأس العضد من مكانه الطبيعي في المفصل، وخطورته – كما في الطب الرياضي الجراحي – أنه يُؤدِّي إلى ثبات مُزمن في الأربطة التي تُحيط بالكتف؛ ممَّا يُؤدِّي إلى حُدوث خلع مُتكرِّر فيه